مخالفته أصلا ـ ولو بلا اختيار ـ ، بل عدم (١) صدور فعل منه في بعض أفراده بالاختيار ، كما في التجرّي بارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام ، كما إذا قطع ـ مثلا ـ بأنّ مائعا خمر مع أنّه لم يكن بالخمر ، فيحتاج إلى إثبات أنّ المخالفة الاعتقاديّة سبب كالواقعيّة الاختياريّة ، كما عرفت بما لا مزيد عليه.
[توهّم صاحب الفصول ، والجواب عنه]
ثمّ لا يذهب عليك : أنّه ليس في المعصية الحقيقيّة إلّا منشأ واحد لاستحقاق العقوبة ـ وهو هتك واحد ـ ، فلا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين ـ كما توهّم (٢) ـ. مع ضرورة أنّ المعصية الواحدة لا توجب إلّا عقوبة واحدة. كما لا وجه لتداخلهما على تقدير استحقاقهما كما لا يخفى. ولا منشأ لتوهّمه إلّا بداهة أنّه ليس في معصية واحدة إلّا عقوبة واحدة ، مع الغفلة عن أنّ وحدة المسبّب تكشف ـ بنحو الإنّ ـ عن وحدة السبب.
الأمر الثالث
[أقسام القطع وأحكامها]
[القطع الطريقيّ]
إنّه قد عرفت (٣) أنّ القطع بالتكليف ـ أخطأ أو أصاب ـ يوجب عقلا استحقاق
__________________
(١) معطوف على قوله : «لعدم».
(٢) المتوهّم هو صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٨٧.
وحاصل التوهّم : أنّ تفويت المقدّمة قبل زمان الواجب تجرّ على ترك الواجب ، فإذا لم يعثر عليها بعد الوقت يصير مصادفا للمعصية الحقيقة ويعدّان معصيتين ، فيستحقّ عقابين ، لكنّه إذا صادفها تداخلا وعدّا معصية واحدة.
وحاصل الجواب عنه : أنّ مشنأ استحقاق العقوبة في المعصية الحقيقيّة واحد ، وهو الهتك الواحد ، فلا موجب لتعدّد العقوبة كي يقال بتداخلهما. وعلى تقدير تعدّدها لا وجه للتداخل ، فإنّ وحدة المسبّب ـ وهو العقاب ـ كاشفة بنحو الإنّ عن وحدة السبب.
(٣) في الأمر الأوّل.