ومحرّمات كثيرة بين المشتبهات. ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكلّ ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك ؛ ولكن مقتضى قاعدة نفي الخرج عدم وجوب ذلك كلّه ، لأنّه عسر أكيد وحرج شديد ؛ فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط وانتفاء الحرج ، العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات ، لأنّ الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل إجماعا.
ولا يخفى ما فيه من القدح والفساد ، فإنّه بعض مقدّمات دليل الانسداد (١) ، ولا يكاد ينتج بدون سائر مقدّماته ، ومعه لا يكون دليلا آخر (٢) بل ذاك الدليل.
[الوجه] الرابع : دليل الانسداد (٣)
وهو مؤلّف من مقدّمات يستقلّ العقل مع تحقّقها بكفاية الإطاعة الظنيّة
__________________
(١) لأنّ هذا الوجه مؤلّف من مقدّمات ثلاث :
إحداها : العلم الإجماليّ بوجود تكاليف فعليّة في الشريعة.
ثانيتها : عدم وجوب الاحتياط التامّ ، لأنّه مستلزم للعسر والحرج.
ثالثتها : العمل بالمظنونات ورفع العسر بطرح المشكوكات والموهومات.
وهي بعض مقدّمات دليل الانسداد. فالاولى هي الأولى منها ، والثانية هي بعض الرابعة منها ، والثالثة هي الخامسة منها.
فتماميّة هذا الوجه تبتني على ضمّ المقدّمة الثانية ـ وهي انسداد باب العلم والعلميّ ـ والثالثة ـ وهي عدم جواز إهمالها ـ وبعض آخر من الرابعة ـ وهو عدم جواز الرجوع إلى الاصول العمليّة أو التقليد ـ. ومع ضميمة هذه المقدّمات يرجع هذا الوجه إلى دليل الانسداد الآتي.
وهذا الجواب ذكره الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ١ : ٣٨٢.
(٢) وفي بعض النسخ : «دليل آخر». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) لا يخفى : أنّه لا ثمرة عمليّة ـ بل علميّة ـ للبحث عن هذا الدليل. ولا ينبغي التعرّض له وإطالة الكلام فيه ، لأنّ هذا الدليل ـ بعد ما ثبتت حجّيّة خبر الواحد ـ فاسد من أساسه ، فالتعرّض لها ممّا لا طائل تحته.
فلا وجه للإسهاب في تحقيق تنبيهات دليل الانسداد والتعرّض للمباحث الّتي تعرّضوا لها في المقام ، كالبحث عن عدد مقدّمات دليل الانسداد ، والبحث عن نتيجة هذا الدليل ، والبحث ـ