حرمته لمولاه (١) ، وخروجه عن رسوم عبوديّته ، وكونه بصدد الطغيان ، وعزمه على العصيان ، وصحّة مثوبته ومدحه على إقامته بما هو (٢) قضيّة عبوديّته من العزم على موافقته ، والبناء على إطاعته ، وإن
__________________
ـ الأوّل : أنّ التجرّي لا يقتضي سوى الكشف عن سوء سريرة الفاعل وخبث باطنه الّذي لا يترتّب عليه إلّا الذمّ كما في سائر الصفات المذمومة. وأمّا العمل المتجرّى به فيبقي على ما هو عليه من الحكم أو الصفة قبل تعلّق القطع به. وهذا ما ذهب إليه الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٣٩ ـ ٤٠.
الثانى : أنّ التجرّي يقتضي القبح الفاعليّ ـ أي يقتضي كون الفعل من حيث صدوره من هذا الفاعل قبيحا ـ دون الفعليّ ، بل الفعل يبقى من حيث ذاته على ما هو عليه من المحبوبيّة أو المبغوضيّة. وهذا ما اختاره المصنّف رحمهالله في المقام.
الثالث : أنّ التجرّي يوجب كون الفعل المتجرّي به قبيحا ومعاقبا عليه من جهة انطباق عنوان الطغيان عليه ، مع بقاء ذات العمل على ما هو عليه في الواقع. فيقتضي التجرّي قبح الفعل فعلا. وهذا ما ارتضاه المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٣ : ٣٠.
وفي المقام أقوال أخر لا يهمّ التعرّض لها.
ثمرة النزاع :
وتظهر الثمرة فيما لو قامت أمارة معتبرة على حرمة شيء ـ كما لو قامت الأمارة على حرمة صوم في يوم كذا ـ وأراد المتجرّي الإتيان بهذا العمل برجاء مطلوبيّته واقعا.
فبناء على ما ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ لا قبح في العمل المتجرّى به ، وإنّما الذمّ على الصفة الكامنة في النفس ، فلا مانع من الإتيان بهذا العمل برجاء مطلوبيّته ، لأنّه صالح للمقرّبيّة في نفسه ، وخبث السريرة لا ينافي التقرّب به ، فيصحّ العمل.
وأمّا بناء على ما ذهب إليه المصنّف رحمهالله فنفس الفعل وإن كان صالحا للمقرّبيّة في نفسه ، لعدم كونه قبيحا ، إلّا أنّه يعتبر في المقرّبيّة ـ مضافا إلى صلاحيّة الفعل للمقرّبيّة في نفسه ـ عدم اشتمال الفعل على القبح الفاعليّ. وعليه لا يصلح هذا الفعل للمقرّبيّة ، لقبح جهة صدوره ، فلا يصحّ هذا الفعل.
وأمّا بناء على ما ذهب إليه المحقّق العراقيّ فلا يمكن الإتيان بهذا العمل برجاء مطلوبيّته في الواقع ، لأنّه قبيح فعلا ، فلا يصلح للمقرّبيّة.
(١) هكذا في بعض النسخ. وفي بعض آخر هكذا : «وهتك حرمته». والصحيح أن يقول : «وهتكه لحرمة مولاه».
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «على قيامه بما هو ...».