__________________
ـ الشارع بسقوطهما تخفيفا على العباد.
الرابعة : ما أفاده بقوله : «نعم ، الصحّة والفساد في الموارد الخاصّة لا يكاد يكونان مجعولين ، بل إنّما هي تتّصف بهما بمجرّد الانطباق على ما هو المأمور به». ومحصّله : أنّ الصحّة الفقهيّة بالنسبة إلى غير الأمر الواقعيّ الأوّليّ لا تكون مجعولة فيما إذا كان المأمور به وافيا بملاك الواقع بحيث ينطبق عليه المأمور به.
ولكن في كلامه هذا وجهان :
الأوّل : أن يكون مراده من عدم مجعوليّتها أنّها انتزاعيّة ، إذ هي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتيّ به ، كما تنتزع الصحّة الكلاميّة عن مطابقة المأتيّ به مع المأمور به.
الثانى : أن يكن مراده أنّها أمر واقعيّ يحكم به العقل. فوزان الصحّة هنا وزان الصحّة في الأمر الواقعيّ الأوّلي في كونها من الامور الواقعيّة واللوازم العقليّة للإتيان بالمأمور به.
والظاهر من كلامه هو الأوّل.
الخامسة : ما أشار إليه بقوله : «وأمّا الصحّة في المعاملات ...». وهو أنّ الصحّة في المعاملات الكلّيّة ـ كالبيع والإجارة والصلح وما شاكلها ـ مجعولة شرعا ، فإنّ الصحّة في المعاملات ـ بمعنى ترتّب الأثر عليها ـ أمر بيد الشارع.
السادسة : ما أفاده بقوله : «نعم ، صحّة كلّ معاملة شخصيّة ...» ، يعني : أنّ الصحّة في المعاملات الشخصيّة الواقعة في الخارج وصف اعتباريّ ينتزع من مطابقة الفرد للطبيعيّ المجعول سببا.
والحاصل : أنّ الصحّة الكلاميّة أمر انتزاعيّ مطلقا. والصحّة الفقهيّة بالنسبة إلى الأمر الواقعيّ الأوّليّ حكم عقليّ واقعيّ ، وبالنسبة إلى غيره قد تكون حكما مجعولا شرعيّا وقد لا تكون حكما مجعولا شرعيّا.
وخالفه كثير من المتأخّرين :
فذهب المحقّق الأصفهانيّ إلى أنّ الصحّة في المعاملات كالصحّة في العبادات ليست من الامور المجعولة للشارع ، بل هي أمر عقليّ انتزاعيّ. نهاية الدراية ١ : ٥٨٦ ـ ٥٨٨.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى التفصيل بين الصحّة الواقعيّة والصحّة الظاهريّة ، فالتزم بمجعوليّتها في الثانية دون الاولى. فوائد الاصول ١ : ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، أجود التقريرات ٢ : ٣٩٨ ـ ٣٩٢.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى أنّ الصحّة أمر تكوينيّ عقليّ مطلقا ، فلا ينالها يد الجعل. راجع مناهج الوصول ٢ : ١٥٥.
وذهب السيّد المحقّق الخوئيّ إلى التفصيل بين العبادات والمعاملات ، فالتزم بأنّ الحصّة ـ