وذلك لأنّه إنّما يلزم فيما إذا كان الشكّ في أطرافه فعليّا ؛ وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل لم يكن الشكّ فعلا إلّا في بعض أطرافه ، وكان بعض أطرافه الآخر غير ملتفت إليه فعلا أصلا ـ كما هو حال المجتهد في مقام استنباط الأحكام ، كما لا يخفى ـ فلا يكاد يلزم ذلك ، فإنّ قضيّة «لا تنقض» ليست (١) حينئذ إلّا حرمة النقض في خصوص الطرف المشكوك ، وليس فيه علم بالانتقاض ، كي يلزم التناقض في مدلول دليله من شموله له ، فافهم.
ومنه قد انقدح ثبوت حكم العقل وعموم النقل بالنسبة إلى الاصول النافية أيضا ، وأنّه لا يلزم محذور لزوم التناقض من شمول الدليل لها ، لو لم يكن هناك مانع عقلا أو شرعا من إجرائها ، ولا مانع كذلك لو كانت موارد الاصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلا أو نهض عليه علميّ بمقدار المعلوم إجمالا ، بل بمقدار لم يكن معه مجال لاستكشاف إيجاب الاحتياط ، وإن لم يكن بذاك المقدار ، ومن الواضح أنّه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
وقد ظهر بذلك : أنّ العلم الإجماليّ بالتكاليف ربما ينحلّ ببركة جريان الاصول المثبتة وتلك الضميمة ، فلا موجب حينئذ للاحتياط عقلا ولا شرعا أصلا ، كما لا يخفى.
كما ظهر : أنّه لو لم ينحلّ بذلك كان خصوص موارد الاصول النافية مطلقا ولو من مظنونات عدم التكليف (٢) محلّا للاحتياط فعلا ـ ويرفع اليد عنه فيها كلّا أو بعضا بمقدار رفع الاختلال أو رفع العسر على ما عرفت ـ ، لا محتملات التكليف مطلقا.
وأمّا الرجوع إلى فتوى العالم : فلا يكاد يجوز ، ضرورة أنّه لا يجوز إلّا
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «ليس». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) وفي بعض النسخ : «مظنونات التكليف». والصحيح ما أثبتناه.