كثير ، والفقه من زفر بن الهذيل (١).
أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنبأ الحسين بن يحيى المكي ، أنبأ الحسين بن علي الشيرازي ، أنبأ أبو الحسن بن جهضم ، ثنا أبو القاسم عبد السلام بن محمّد ، حدّثنا علي بن الحسين ، ثنا أحمد بن العباس بن حاتم ، قال : قدم شقيق بن إبراهيم الكوفة يريد مكة ، فلقيه سفيان (٢) الثوري فقال له : أنت الذي تدعو إلى التوكل وتمنع المكاسب ، فقال شقيق : ما قلت هكذا ، قال : أيش قلت؟ قال شقيق : قلت : حلال بيّن وحرام بيّن ومتشابه فيما بين ذلك ، ولكن دخلت الآفة من الخاصة على العامة وهم خمس طبقات : فأوّلهم : العلماء ، والثاني : الزهّاد ، والثالث : الغزاة ، والرابع : التجّار ، والخامس : السّلطان ، فأما العلماء فهم ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورّثوا العلم ، وإذا كان العالم طامعا جامعا فالجاهل بمن يقتدي؟ وأما الزهّاد فهم ملوك الأرض ، فإذا كان الزاهد يرغب فيما في أيدي الناس ، والراغب بمن يقتدي؟ وأما الغزاة فهم أضياف الله في أرضه ، فإذا كان الغازي يحب الخيلاء والتصدر في المجالس فمتى يغزو؟ وأمّا التجّار فهم أمناء الله عزوجل في أرضه فإذا كان التاجر الأمين خائنا فالخائن بمن يقتدي؟ وأمّا السلطان فهم الرعاة ، فإذا كان الراعي هو الذئب ، فالذئب ما يجد يأكل ، يا شقيق لا يجعن منها إلّا قدر مقامك فيها ، فقام سفيان لم يرد عليه شيئا ، وقال : سلام عليكم ومضى.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأ أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : سمعت سعيد بن أحمد البلخي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : التوكّل طمأنينة القلب بموعود الله.
قال : وأنبأ أبو محمّد بن الفضل ، نا أبو القاسم الواحدي ، أنبأ عبد الله بن يوسف ، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ، ثنا محمّد بن إسماعيل الأصبهاني ، قال : سمعت أبا تراب يقول : سمعت حاتما الأصم يقول : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : لكل واحد مقام ، فمتوكّل على ماله ، ومتوكل على نفسه ، ومتوكل على لسانه ، ومتوكل على سيفه ـ وقال الواقدي : على شرفه ـ ومتوكل على سلطنته ، ومتوكل على الله عزوجل ، فأما
__________________
(١) ترجمته في سير الأعلام ٨ / ٣٨.
(٢) بالأصل : شقيق ، خطأ.