المتوكل على الله فقد وجد الاسترواح نواه الله به ورفع قدره ، وقال : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(١) ، وأمّا من كان مستروحا إلى غيره يوشك أن يتقطع به فيبقى.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأ (٢) رشأ بن نظيف ، أنبأ الحسن بن إسماعيل ، أنبأ أحمد بن مروان ، ثنا (٣) أحمد بن محرز ، ثنا محمّد بن عامر قال : قلت لشقيق : متى أوفق للعمل الصّالح؟ قال : إذا [جعلت](٤) أحداث يومك وليلتك متقدمة عند الله عزوجل ، قلت : فمتى أتوكّل؟ قال : إن اليقين إذا تم بينك وبين الله سمّي تمامه توكلا ، قلت : فمتى يصح ذكري لربّي؟ قال : إذا سمحت الدنيا في عينك ، وقذفت أملك فيما بين يديك ، قلت : فمتى يصح صومي؟ قال : إذا جوّعت قلبك وطمست لسانك من الفحشاء ، قلت : فمتى أعرف ربّي؟ قال : إذا كان الله لك جليسا ، ولم تر سواه لنفسك أنيسا ، قلت : فمتى أحب ربّي؟ قال : إذا كان ما أسخطه أمرّ عندك من الصبر ، وكان ما ينزل بك هو الغنم والظفر ، وحددت لذلك حمدا وشكرا ، قلت : فمتى أشتاق إلى ربّي؟ قال : إذا جعلت الآخرة لك قرارا ، ولم تسمّ لك الدنيا مسكنا ، قلت : متى أستلذ الموت؟ قال : إذا جعلت الدنيا خلف ظهرك ، وجعلت الآخرة نصب عينيك ، وعلمت أن الله يراك على كل حال ، وقد أحصى عليك الدقيق والجليل ، قلت : فمتى اكتفي بأهون الأغذية؟ قال : إذا عرفت وبال الشهوات غدا (٥) وسرعة انقطاع عذوبة (٦) اللذات ، قلت : متى أوثر الله ولا أوثر عليه سواه؟ قال : إذا أبغضت فيه الخبيث (٧) وجانبت فيه القريب.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأ أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد السّلام الأزدي ، أنبأ أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين ، أنبأ أبو القاسم بن طعان ، أنبأ الحسن بن حبيب ، قال : سمعت عبد الله بن عبد الحميد يقول : قال حاتم :
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآية : ٥٨.
(٢) بالأصل «بن» خطأ ، والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.
(٣) بالأصل «بن» خطأ ، والصواب ما أثبت ، انظر ترجمة أحمد بن مروان ، أبو بكر الدينوري في سير الأعلام ١٥ / ٤٢٧.
(٤) بياض بالأصل وما بين معكوفتين عن مختصر ابن منظور ١٠ / ٣٢٣.
(٥) بالأصل : عدا.
(٦) بالأصل : عدوية.
(٧) في مختصر ابن منظور : الحبيب.