وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن ، وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (١) ، أخبرني أبو الوليد الدربندي ، أنبأ محمّد بن أحمد بن سليمان الحافظ ببخارى ، ثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين قال : سمعت أبا سعيد جعفر بن محمد بن محمد الطّستي (٢) ، يقول : كنا ببغداد سنة إحدى وتسعين [ومائتين](٣) عند أبي مسلم البلخي ، وكان معنا عامر بن عبد الله بن راشد (٤) ، فقال مستملي أبي مسلم لأبي مسلم : إنّ هذا الشيخ ـ يعني عبد الله مستملي صالح فقال أبو مسلم : ومن صالح؟ فقال : صالح الجزري فقال أبو مسلم : ويحكم ما أهونه عندكم ، لا تقول سيد الدّنيا ولا سيد المسلمين ، تقولون صالح الجزري ، قال : وكنا في أخريات الناس فقدّمنا بعد ذلك حتى أجلسنا بين يديه ، فقال لنا : كيف أخي وكبيري ، وقال لنا : ما تريدون؟ فقلنا : أحاديث ابن عرعرة ، وحكايات الأصمعي ، فأملا علينا من ظهره قلبه ، ومات ببغداد بعد خروجنا ـ وفي حديث الموحد : وكان ضريرا (٥) مخضوب اللحية ـ.
أخبرنا أبو الحسن ، نا وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، حدّثنا عبد الله بن موسى السلامي ـ إجازة ـ. قال : قال لي أبو نوح سنان بن الأغر الأديب قال : قال لي أبو علي صالح بن محمد البغدادي : كان ببغداد شاعران أحدهما صاحب حديث والآخر معتزلي ، فاختار (٧) المعتزلي يوما ، فقال لي : يا بني لم تكتب يذهب بصرك ويحدودب ظهرك ، ويزداد فقرك ، ثم أخذ (٨) كتابي ، وكتب عليه :
إن القراءة والتفقه والتشاغل والعلوم |
|
أصل المذلة والإضافة والمهانة والهموم |
قال : ثم ذهب وجاء الآخر فقرأ هذين البيتين ، فقال : كذب عدو نفسه ، بل يرتفع ذكرك ويتيسر (٩) علمك وبقي اسمك مع اسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة ، ثم كتب هذين البيتين :
__________________
(١) الخبر في تاريخ بغداد ٩ / ٣٢٥.
(٢) تقرأ بالأصل : الطيسي ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٤) في تاريخ بغداد : أسد.
(٥) بالأصل : ضرير.
(٦) المصدر السابق ٩ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.
(٧) في تاريخ بغداد : فاجتاز بي.
(٨) بالأصل : «لم أجد» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٩) في تاريخ بغداد : وينتشر.