فمنعتني فاحفظها ، فقامت دونه ، وقالت لأبي سفيان : لتمنعنّ ضيفي فمنعه ، وقبل أبو سفيان هدية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأهدى إليه أدما.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي (١) ، أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي : قد عقر حنظلة بن الراهب بأبي سفيان بن حرب يوم أحد ، فاكتسعت فرسه ، فسقط عنها ، فجلس على صدره ليذبحه فرآه ابن شعوب (٢) ، فرجع إليه يعدو كأنه سبع ، فقتله ، واستشهد أبا سفيان من تحته ، قال : فقال أبو سفيان من بعد ذلك (٣) :
لو شئت نجتني كميت رحيله |
|
ولم أحمل النّعماء لابن شعوب |
وما زال مهري مزجر الكلب منهم |
|
لدا غدوة حتى دنت لغروب |
أقابلهم طرا وأدّعي بآل غالب |
|
وأدفعهم عني ركن صليب |
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ، ابنا أبي علي قالوا : أنبأ أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، حدّثني عمي مصعب بن (٤) عبد الله قال : بارز أبو سفيان بن حرب يوم أحد حنظلة بن أبي عامر الغسيل فصرعه حنظلة ، فأتاه ابن شعوب ، وقد علاه حنظلة وأعانه حتى قتل حنظلة ، فقال أبو سفيان (٥) :
لو شئت نجّتني كميت طمّرة (٦) |
|
ولم أحمل النّعماء لابن شعوب |
وما زال مهري مزجر الكلب منهم |
|
لدن غدوة حتى انقب (٧) بغروب |
أقاتلهم وأدّعي بآل غالب |
|
وأدفعهم عنّي بركن صليب |
فبكّي ولا ترعى إلى عذل عاذل (٨) |
|
ولا تسأمي من عبرة ونحيب |
__________________
(١) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٣ / ٢٤٦ باختلاف ، وبدون الشعر.
(٢) شداد بن الأسود كما في دلائل البيهقي.
(٣) بالأصل : «ذلك بعد» وفوقهما علامة «م» يعني إشارة إلى تقديم وتأخير.
(٤) بالأصل «عن» خطأ.
(٥) الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ٨٠.
(٦) الطمرة : الفرس السريعة الوثب.
(٧) كذا رسمها بالأصل ، وفي سيرة ابن هشام : دنت لغروب.
ومزجر الكلب : يريد أنه لم يبعد منهم إلا بمقدار الموضع الذي يزجر الكلب فيه.
(٨) في ابن هشام : فبكى ولا ترعى مقالة عاذل.