وإذا امرؤ في الناس لم يك عارفا |
|
بالعرف لم يك منكرا للمنكر |
أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل ، أنا المبارك بن عبد الجبّار ، أنا أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله السمّاك ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدّل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، أنشدنا قتيبة لطريح الثقفي :
سعيت ابتغاء الشّكر فيما صنعت بي |
|
فقصّرت مغلوبا وإنّي لشاكر |
لأنك تعطيني الجزيل بداهة |
|
وأنت لما استكثرت من ذاك حاقر |
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأموي (١) ، أخبرني وكيع ـ يعني محمّد بن خلف ـ حدّثني هارون بن الزيّات (٢) ، حدّثني أحمد بن حمّاد بن الجميل ، عن العتبي ، عن سهم بن عبد الحميد ، قال : أخبرني طريح بن إسماعيل الثقفي ، قال : خصصت بالوليد بن يزيد حتى صرت أخلو معه ، فقلت له ذات يوم ونحن في مشرفة (٣) : يا أمير المؤمنين خالك يحب أن تعلم شيئا من خلقه؟ قال : وما هو؟ قلت : لم أشرب شرابا ممزوجا قط إلّا من لبن أو عسل ، قال : قد عرفت ذلك ، ولم يباعدك من قلبي ، قال : ودخلت يوما إليه وعنده الأمويون ، فقال : إليّ يا خال ، فأقعدني إلى جنبه ، ثم أتي بشراب ، فشرب ، ثم ناولني القدح ، فقلت : يا أمير المؤمنين قد أعلمتك رأيي في الشرب قال : ليس لذلك أعطيتك ، إنّما دفعته إليك لتناوله الغلام ، وغضب ، فرفع القوم أيديهم كأن صاعقة وقعت على الخوان فذهبت أقوم فقال : اقعد ، فلما خلا البيت افترى عليّ ثم قال : يا عاضّ كذا وكذا ، أردت أن تفضحني ، لو لا أنك خالي لضربتك ألف سوط ، ثم نهى الحاجب عن إدخالي ، وقطع عني أرزاقي ، فمكثت ما شاء الله ، ثم أدخلت عليه يوما متنكرا ، فلم يشعر إلّا وأنا بين يديه وأنا أقول (٤) :
يا ابن الخلائف ما لي بعد (٥) تقربة |
|
إليك تقصي (٦) وفي حاليك لي عجب |
__________________
(١) الخبر في كتاب الأغاني ٤ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٢) بالأصل : «الزباب» والمثبت عن الأغاني وفيها : هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات.
(٣) وفي الأغاني : مشربة (بضم الراء وفتحها : الغرفة).
(٤) الأبيات في الأغاني ٤ / ٣١٠ ـ ٣١١ وبعضها في الشعر والشعراء ص ٤٢٧.
(٥) كتبت فوق الكلام بين السطرين.
(٦) الأغاني : «أقصى» وفي الشعر والشعراء : «أجفى».