محمّد بن فليح : قال موسى بن عقبة : وقتل يوم أجنادين طفيل بن عمرو الدّوسي ، وضرار بن الأزور الأسدي ، ويقال : هذا وهم ، إنما هو ضرار بن الخطّاب ، محمّد قاله.
٢٩٣٣ ـ ضرار بن ضمرة الكتّاني (١)
وفد على معاوية.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا العبّاس بن بكّار الضبي ، نا عبد الواحد بن أبي عمر الأسدي ، عن محمّد بن السّائب الكلبي ، عن أبي صالح قال : دخل ضرار بن ضمرة الكتّاني على معاوية ، فقال له : صف لي عليا ، فقال : أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال : لا أعفيك قال له : إذ لا بدّ فإنه والله كان بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، يستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، ويخاطب نفسه ، ويعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشبه (٢) ، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقرّبه إلينا وقربه منّا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا يأيس (٣) الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، يتمثل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السّليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن وهو يقول : يا ربّنا ، يا ربّنا ، يتضرّع إليه ، ثم يقول للدنيا : أنّي تعزرت (٤) ، إنّي تشوفت ، هيهات هيهات غرّي غيري ، قد بتتك ثلاثا ، فعمري قصير ومجلسك حقير وخطرك يسير ، آه آه من قلّة الزاد ، وبعد السّفر ، وحشة الطريق ، فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، وجعل ينشفها بكمّه ، وقد اختنق القوم بالبكاء ، فقال : هكذا كان أبو الحسن ـ رحمهالله ـ فكيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال : وجد من ذبح واحد (٥) في حجرها لا يرقى دمعتها ، ولا يسكن حرّها ، ثم قام فخرج.
__________________
(١) مهملة بدون نقط بالأصل ، وسترد أثناء الترجمة «الكتاني» وفي مختصر ابن منظور ١١ / ١٥٨ «الكناني»
(٢) جشب الطعام : طحنه طحنا سيئا. وطعام جشب وجشب غليظ أو بلا أدم (القاموس).
(٣) تقرأ بالأصل : يانس.
(٤) في مختصر ابن منظور : إليّ تعرضت أم لي تشوّفت.
(٥) كذا ، وفي المختصر : أوحدها» وهي أشبه.