عوف وهو يومئذ على شرط مروان فضرب وجه ناقة ابن مطيع بسوطه ، وقال له : تنحّ قبيحا ، وأقبل صخير بن أبي جهم يتخلل الموكب حتى دنا من مصعب ، فخطم أنفه بالسوط ثم ولّى وهو على ناقة له مهرية مبكرة و.... (١) مصعب على وجهه ، ثم دنا من مروان فأخبره الخبر واستعداه على صخير ، فغضب غضبا شديدا وقال : عليّ به ، والله لأقطعنّ يده ، فقال له ابن مطيع : لقد أردت أن تكثر ... (٢) قريش فاتّبعه قوم فلم يقدروا عليه ، ولم يتعلقوا به فقال في ذلك صخير بن أبي جهم :
نحن خطمنا بالقضيب مصعبا |
|
يوم كسرنا أنفه ليغضبا |
لعلّ حربا بيننا أن تنشبا |
|
ثم أتينا عاتبا إن تعتبا |
فلم تجد إلّا السّلامة مذهبا |
|
إذا مست حولي عدي عصبا |
وفيها غير ذلك مما كرهت أن أذكره ، قال الزبير : ولطم صخير بن أبي جهم وجه مصعب ـ يعني ابن عبد الرّحمن بن عوف ـ ومصعب على شرط مروان ، ثم أعجزه وحالت دونه بنو عدي ، وجمعت لهم زهرة وكاد الشرّ يقع بينهم ، وقدم معاوية حاجا فمشت إليه رجال بني (٣) عدي وكلموه أن يسأل مصعبا أن يعرض عن ذلك ، وقالوا : كانت طيرة من صاحبنا فليستقد منه ، وامتنع ، وقال : استخفّ بسلطاني ، لا أرضى حتى أوتى به وأعاقبه عقوبة مثله ، فقيل لبني عدي : أخطأتم موضع الطلب ، كلّموا مروان ، فكلّموه فقال : أبعد أمير المؤمنين؟ قالوا : نعم ، أنت اصطنعته وأنت أولى به ، فأتاه مروان فكلّمه ، فقال له : فهلّا أرسلت إليّ وما غناك لو علمت هواك لفعلته ، قد تركت ذلك لك ، فبلغ معاوية ما صنع ، فغضب عليه وقال : أجبت مروان ولم تجبني ، فقال له مصعب : وما تنكر من ذلك؟ أخذني مروان وقد أفسدني فاصطنعني وأصلح ما أفسدت مني فشكرته على ذلك ، فلم ينكر عليه معاوية ـ يعني لما ادّعى على مصعب ـ قبل إسماعيل بن هبّار الأسدي ، وخالد أتاه بعد استخلافه.
__________________
(١) غير مقروءة بالأصل ورسمها : وامسل.
(٢) غير مقروءة بالأصل ورسمها : «حدمي».
(٣) بالأصل : بنو عدي.