نا سيف بن عمر عن (١) محمّد ، وطلحة ، قال (٢) : وكان سعيد بن العاص لا يغشاه إلّا نازلة أهل الكوفة ، ووجود أهل الإمام وأهل القادسية ، وقراء أهل البصرة (٣) والمتسمتون (٤) ، فكان هؤلاء دخلته إذا خلا ، فأمّا إذا جلس للناس فإنه يدخل عليه كل أحد ، فجلس للناس يوما ، فدخلوا عليه ، فبينا هم جلوس يتحدثون فقال حبيش (٥) بن فلان الأسدي ، ما أجود طلح بن عبيد الله ، فقال سعيد بن العاص : إن من له مثل النّشاستج لحقيق أن [يكون](٦) جوادا. والله لو أن لي مثله لأعاشكم الله به عيشا رغدا ، فقال عبد الرّحمن بن حبيش ـ وهو حدث ـ : والله لوددت أن هذا الملطاط لك ـ يعني ما كان لآل كسرى على جانب الفرات الذي يلي الكوفة ـ فقالوا : فض الله فاك (٧) قال : والله لقد هممنا بك ، فقال : حبيش غلام ، فلما تجاوزوه ، فقالوا له : يتمنى له من سوادنا ، قال : ويتمنا لكم أضعافه ، قالوا : لا يتمنا له ولا لنا ، ما هذا بكم؟ قالوا : أنت والله أمرته بهذا ، فقام إليه الأشتر وابن ذي الحبكة ، وجندب ، وصعصعة ، وابن الكوّاء ، وكميل ، وعمير بن ضابئ ، فأخذوه فذهب أبوه ليمنعهم فأخذوه ، فضربوهما حتى غشي عليهما ، وجعل سعيد يناشدهم ويأبون ، حتى قضوا منهما وطرا ، وسمعت بذلك بنو أسد ، فجاءوا فيهم طلحة (٨) ، فأحاطوا بالقصر ، وركبت القبائل فعادوا (٩) سعيد وقالوا : قلنا وتخلصنا.
فخرج سعيد إلى الناس فقال : يا أيها الناس قوم تنازعوا وتهاووا ، وقد رزق الله العافية ، وقعدوا وعادوا في حديثهم فتراجعوا فعلهم وردهم ، وأفاق الرجلان فقال : أبكما حياة ، قالا : قتلتنا غاشيتك ، قال : لا يغشوني والله أبدا ، فاحفظا علي ألسنتكما ولا تخربا عليّ الناس ، ففعلا ، ولما انقطع رجاء أولئك النفر من ذلك قعدوا في بيوتهم ،
__________________
(١) بالأصل : بن.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري (ط بيروت ٢ / ٦٣٤) حوادث سنة ٣٣.
(٣) عن الطبري وبالأصل : المصر.
(٤) عن الطبري وبالأصل : والمتسمتين.
(٥) في الطبري) خنيس.
(٦) زيادة عن الطبري.
(٧) بالأصل : «افض الله قال» وصوبت العبارة عن الطبري.
(٨) في الطبري : طليحة.
(٩) العبارة في الطبري : فعاذوا بسعيد ، وقالوا : أفلتنا وخلّصنا» وهذا أشبه.