الجزار أكثرهم وقبض على بعض أعيانهم ، فجعل الأمير يوسف يعتذر للجزار ويستشفع في إطلاقهم مقابل مئة ألف قرش ، ولما طلب الأمير المال من الجبل أبى الأمراء الدفع فطلب الأمير من قائد عسكر الجزار أن يتلف أشجار بيروت ففعل وقتل جماعة من رجالهم ، ثم سار إلى بعلبك وعظم أمره ، وحينئذ خرجت بيروت من يد الأمير يوسف ودخلت في حكومة الجزار ، واقتتل الأمير يوسف مع الجزار فانهزم في عدة مواقع ثم تصالح الشهابي والجزار.
وأرسل أحمد باشا الجزار (١١٩١) أحد رجاله من الأكراد في جماعة منهم فاجتازوا قب الياس فعلم أهلها فحصنوها ، وردوهم عنها بإطلاق المدافع فذهب الأكراد إلى بعلبك وصادروا كبار المتاولة ، ولا سيما الأمير محمد الحرفوش وسجنوه ، ثم شنوا الغارة على سعد نايل وقتلوا بعض سكانها ونهبوها ، ثم حاربوا الدروز في البقاع وقتلوا بعضهم وأحرقوا قرى كثيرة في البقاع وهاجموا سغبين ثم عادوا عنها ، وقد قتل منهم نحو مائتين ثم أمرهم الجزار فعادوا إليه ، وكان سبب إرسالهم أن الأمراء اللمعيين لم يدفعوا الضريبة الشاشية التي فرضها الجزار على اللبنانيين في السنة السابقة. وفي سنة (١١٩٢) أو ٩٣ نقل الجزار مركزه إلى عكا لحصانتها. وزاد الجزار (١١٩٤) المكوس والمغارم على لبنان.
وفي سنة (١١٩٥) وقعت فتن ومناوشات بين عسكر الجزار وعسكر الأمير سيد أحمد وعسكر دمشق في أرض قب الياس في البقاع قتل فيها كثيرون وانتصر الجزار ووقعت وقعة في الظهر الأحمر في وادي التيم ، وفي سنة (١١٩٧) استولى الجزار على بلاد بشارة بعد وقعة مع مشايخها من بني متوال ، وتسلم هونين وتبنين وشقيف أرنون ، أخذ هذه القلعة الأخيرة بالأمان وقتل من بها وتسلم جباعا وباد اسم بني علي الصغير وبني منكر. وفي هذه السنة توفي محمد باشا العظم وكان وزيرا عادلا مهابا على قول ميخائيل الدمشقي وقال المرادي : إنه كان من رؤساء الوزراء عقلا وكمالا وعدلا ودينا وسخاء ومروءة وشجاعة وفراسة وتدبيرا وكان واسع الرأي مهابا وضرب على أيدي البغاة وقطاع الطريق ، وراقت دمشق وما والاها في أيامه ، وصفا لأهلها العيش ونامت الفتن ، وعين محمد بن عثمان باشا وكان ظالما قاسيا ثم تولى أخوه درويش