فبطل المشروع لما ظهرت مضرته إلى عالم الوجود وقامت حول المشروع ضجة في الصحف فلم يسع الاتحاديين إلا أن يطووا دفتره. ولكن كان الصهيونيون يؤلفون عدة جمعيات للوصول إلى أغراضهم السياسية منها جمعية أحباء فلسطين انتشرت في أطراف فلسطين وتفرعت منها عدة جمعيات منها جمعية معاونة فلاحي اليهود وصناعهم في فلسطين وسورية وأنشأوا لهاتين الجمعيتين فروعا كثيرة في أمهات مدن فلسطين وبلاد بشارة وحوران وعبر الأردنّ ، وابتاع للإسرائيليين أبناء مذهبهم من كبار أغنياء أوربا أراضي ، وأمدوهم بالمال ليحققوا آمالهم القديمة في استرداد فلسطين ويعيدوا مجدهم إليها ، وهذه الآمال قديمة ترد إلى عهد الرومان ، وغاضت بعد أن شتتهم في الأرض أدريانوس في القرن الثاني بعد المسيح وفرق جامعتهم وأبعدهم عن صهيون أو أورشليم أو القدس عاصمة مملكتهم القديمة ومدينة هيكلهم العظيم ، ولكنها ما لبثت أن ظهرت في صورة التمني وفي عهد قسطنطين الذي أذن لهم بالدنو مرة في السنة من أسوار بيت المقدس ليندبوا مجدهم الزائل ، وما زالوا إلى يومنا هذا يدنون من حائط الحرم الشريف الخارجي المسمى بالبراق ويتذكرون مجد ملوكهم وعظمة هيكلهم ومدينتهم ويطلبون من الله أن يعيد ما خسروه. ولكن رجال النهضة منهم لم يقفوا عند حد التمني فألف الدكتور هارتشل الجمعية الصهيونية التي جعلت همها الوحيد جمع المال وتوحيد كلمة اليهود على اختلاف لغاتهم وبلدانهم وجمعهم في بلد واحد أمين. وعهدت الجمعية الصهيونية إلى الإيكا بالاستعمار التدريجي كما عهد إلى جمعية الاتحاد الإسرائيلي بالتهذيب والتعليم.
وقد كتب شكري العسلي في هذا الصدد يوم قام الإسرائيليون لابتياع سهل يزرعيل ما نصه : إن الجمعية الصهيونية اليهودية ورفيقاتها جمعيات إيكا وفاعوليم والأليانس وغيرها ساعيات في استرجاع فلسطين التي وعدهم بها ربهم في الإصحاح الثاني والثلاثين من أرميا من الكتاب المقدس الباحث في أسر بابل لليهود والذاكر وعد الرب برجوعهم إلى فلسطين بقوله في آخره : «يشترون الحقول بفضة ويكتبون ذلك في صكوك ويختمون ويشهدون شهودا في أرض بنيامين وحوالي أورشليم وفي مدن يهودا ومدن الجبل ومدن السهل (٣ ـ ٩)