ومدن الجنوب لأني أرد سبيهم بقول الرب ا ه». وذلك بعدما سبتهم حكومة الكلدان على أنهم لم يستطيعوا البقاء بعد ذلك لأنهم أصبحوا محل التنازع بين حكومة الرومان في مصر وحكومة الرومان في أنطاكية ثم انقرضوا ولم يبق لهم ملك ولا دولة. والآن عملا بهذه الآية يشترون الأراضي في فلسطين على حساب الفضة ويشرطون البيع على أن يكون الثمن فضة ، ويكتبون الصكوك ويشهدون ، وهكذا تراهم لا يفترون طرفة عين يتجسسون أخبار من تأخرت حالتهم المالية من أهل هذه الديار وهي عبارة عن لواء عكا بأجمعه ولواء القدس ولواء نابلس وقسم من لواء الكرك وبعض قضاء عجلون ، ويطمعون البائع بالثمن الفاحش ويكتبون الصكوك ويشهدون عليها ويسجلونها عند محرر المقاولات وعند بعض القنصليات ، وكانت الحكومة قبلا منعت استعمارهم ولكن بما بذلوه من الدنانير التي تسحر ألباب الخائنين من الحكام والمستخدمين استطاعوا أن يستولوا على ثلاثة أرباع قضاء طبرية وبعض قضاءي صفد ويافا والقدس والقسم المهم من نفس حيفا وبعض قراها ، واليوم يسعون للدخول إلى قضاء الناصرة ليستولوا على سهل شارون ويزرعيل المذكور بالتوراة والمعروف اليوم بمرج بني عامر الذي يشقه الخط الحجازي من الغرب إلى الشرق.
«وهكذا اشتروا الكثير من القرى واستولوا عليها ، وهم لا يخالطون العثمانيين ولا يشترون منهم شيئا ، ولهم بنك أنكلو فلسطين يقرضهم بفائدة لا تتجاوز الواحد في المائة في السنة ، وقد جعلوا كل قرية إدارة فيها مدرسة ، وكل قضاء مديرية ولكل جهة مدير عام ، ولهم راية لونها أزرق وأبيض وفي وسطها ترس أو مجنّ داود وتحته كلمة عبرانية معناها «صهيون» لأنه جاء في التوراة أن أورشليم ابنة صهيون ، ويرفعون هذا العلم مكان العلم العثماني في أعيادهم واجتماعاتهم ، ويترنمون بالنشيد الصهيوني وقد احتالوا على الحكومة فقيدوا أنفسهم عثمانيين في سحل النفوس كذبا وبهتانا ، وهم لا يزالون حاملين الجوازات الأجنبية التي تحميهم وعندما يصيرون إلى المحاكم العثمانية يظهرون جوازاتهم ويدعون الحماية الأجنبية ، ويحلون دعاويهم واختلافاتهم فيما بينهم بمعرفة المدير ولا يراجعون الحكومة ويعلمون أبناءهم الرياضة البدنية واستعمال السلاح وترى بيوتهم طافحة بالأسلحة وفيها كثير من المارتين ولهم طوابع