خطاب ألقاه في دار الحكومة بدمشق إن طالعه كان القتل ، ندب لقتال الناشزين من الأتراك كما عهد إليه قتل الناشزين عن الطاعة من العرب.
ولما ندب جمال باشا لقيادة الجيش الرابع حمل معه أضابير التهم والتحقيقات وتقارير الجواسيس الموجهة لمئات من أبناء الشام ، وبينهم أناس من أهل الطبقة العليا وكثير من الشبان المتعلمين. فألقى عصا التسيار في دمشق وشرع بالتحقيق عن زمرة هؤلاء المتهمين ، وألف ديوانا عرفيا في عالية من لبنان فحكم أوائل آب ٣٣١ ش على ١١ رجلا نفذ فيهم حكم القتل صلبا في ساحة البرج في بيروت ، وكانوا متهمين بالدخول في حزب اللامركزية ، ثم شرع بالقبض على طبقة أخرى أكثر علما وتأثيرا ومكانة ، ومدار التهمة الفريق الثاني أو القافلة الثانية أنهم حاولوا سلخ سورية وفلسطين والعراق عن السلطنة العثمانية وجعلها إمارة مستقلة بمؤازرة الدولة البريطانية ، ولكن الحكومة التركية اتهمتهم أنهم كانوا يعملون لإدخال الأجانب (الفرنساويين أو الإنكليز) إلى الشام في حال الحرب. وإذا تفوه به بعضهم لأحد القناصل طمعا في إمارة أو مظهر من المظاهر فلا يسري اعترافه على الجميع. ويقول جمال باشا في مذكراته ردا على من يقول إن الاشخاص الذين أجرموا وظهرت إدانتهم وشنقوا في سورية قد شملهم العفو العام الصادر في سنة ١٩١٣ فمحاكمتهم فيما بعد على التهم نفسها عمل غير قانوني ـ إنه قد بين في الكتاب الأحمر المسمى (حقيقة المسألة السورية) أن أولئك الأشخاص اتخذوا العفو العام وسيلة للقيام بأعمال جنائية جديدة ، وأن إدانتهم ترجع إلى جرائمهم بعد ذلك العفو ، وإذ كانت الوثائق الخاصة بإدانتهم قبل العفو تعتبر قرينة قوية ، بدا للمحكمة أن تفحصها وتنشرها لتبين للملإ مبلغ شناعة خيانتهم ا ه. وبعد أن أورد بعض الوثائق السياسية قال : فمن تمحيص هذه الوثائق يدرك الإنسان بسهولة أن الحكومة الفرنسية بذلت أقصى ما في استطاعتها لتمهيد الطريق للاستيلاء على سورية بحجة حماية العرب. وفي الحق أن أعمال بعض من صلبوا قد ظهرت في أوراق قناصل فرنسا في دمشق وبيروت وحلب وغيرها من مدن الشام ، فإنهم أبقوا أوراقهم في أماكنها بعد دخول الدولة في الحرب فانكشفت بذلك أسرار مهمة ساعدت الاتحاديين على الإبلاغ في عقوبة مخالفيهم. أما قناصل بريطانيا