ليلتقوا مع الجيش التركي الذي خرج من الشرق على معان فباغتت الحامية ليلا على تل سمنة المطلة على معان واستولوا على حصونها ، وبضبطها أصبح الجيش العربي في خطر ، فبلغ الأمير فيصلا ذلك بالهاتف من الوهيدة بين معان وأبي الأسل وتبعد عن كل منهما زهاء ساعتين أو أكثر ، وكانت مقر الجيش العربي ومقر الأمير وراءها في أبي الاسل ، فاهتم للأمر لتناقص عدد الجيش العربي الذي انضمت أكثريته إلى الحملة المنوه بها ، وكانت بارحت قبل هذا الهجوم بيوم المقرّ من جهة الطريق الشرقي البعيد عن الخط الحجازي مسافة يوم تقريبا وهو من جهة الجفر وباير (ماءان لأهل البادية) فندب الأمير أخاه الأمير زيدا واستعاد حصون تل سمنة ، وكان الأتراك ينوون أن يتقدموا منها للاستيلاء على الوهيدة مقر المعسكر العربي ، ولو لم يتقدم أحد أبناء العرب ممن كان مع الجيش التركي ويفاوض بالهاتف مركز الجيش العربي وينذره سوء العقبى ويسارع الأمير فيصل بإرسال عبيده وعددهم مائة وخمسون ويسيروا كالبرق الخاطف يقفون أمام الجيش التركي ويشاغلونه ريثما تقدمت فرسان الجيش العربي وتبعها المشاة ـ لو لا هذا لما رد الأتراك عن معان ولهلك الجيش العربي بأسره.
ومن ذلك الحين انقلبت حامية معان من طور الدفاع إلى طور الهجوم ، وعهد الأمير فيصل بالقيادة العامة في مقر أبي الأسل إلى أخيه الأمير زيد والتحق بالحملة يرافقه قليل من الجند النظامي وحرسه من العبيد وبعض المتطوعة من بدو ومن حضر قاصدا الأزرق ليتخذه مقر القيادة للحملة ، وضرب موعدا للنوري بن شعلان أن يلاقيه بالأزرق مع شرذمة من قبيلته كما أوعز إلى عوده أبي تايه أن ينزح مع شرذمة من قبيلته من الجفر إلى الأزرق ، ولكن جنده كان قليل العدد والبدو الذين أرادهم على أن يوافوه تخلفوا عنه فأصبح موقفه في خطر ، وكان في وسع مئة جندي عثماني لو هموا به أن يأسروه ومن معه ، ولكن قذف الرعب في قلوب المحاربين من الترك فظنوا أو هناك جيوشا جرارة لا قبل لهم بها ، وزاد حراجة الموقف تشويشا أن بعض مشايخ قرى جبل الدروز بعثوا إلى الأمير يحتجون على احتلاله الأزرق بدعوى أن احتلاله يوغر عليهم صدر الحكومة التركية لأن الأزرق وإن كان مقدمة بادية الشام وغير مملوك لأحد لكنه