يعتبر في نظر الدروز ونظر القبائل الرحل ملحقا بالدروز ، ولم يؤثر هذا الاحتجاج في نفس الأمير فيصل لعلمه أن لا قيمة له بالنسبة إلى زعماء الجبل الموالين له وفي طليعتهم سلطان باشا الأطرش الذي أخلص كل الإخلاص للثورة العربية وعاونها بماله وجاهه ، ولعلمه أنهم متجرون بهذا الاحتجاج غير أنه أورث اضطراب الأفكار خشية تجسسهم للأتراك ، وبعد خمسة أيام أرسل أحد شيوخ قبيلة بني صخر وهو الوحيد في موالاة الجيش العربي دون بقية شيوخ القبيلة الذين كانوا موالين للحكومة التركية ويقطعون السابلة على كل قافلة تلتحق بالأمير فيصل في أبي الأسل ، وجهزه بفئة من المتطوعة لتخريب جسر عمان لقطع المواصلة بين القيادة التركية ومعان. وجاء على الأثر الكولونل لورانس الإنكليزي ، ملقن الثورة العربية والمشرف عليها الذي دعي «ملك العرب غير المتوج» وأخبره بسقوط نابلس وما وراءها إلى الشمال ، وأنه وقع في أسر الجيش البريطاني من الجيش التركي زهاء ستين ألفا وكان الفضل الأكبر في ذلك لتخريب جسر تل شهاب. وصباح اليوم السادس ورد على الأمير فيصل نجاب يخبره بسقوط معان وأسر حاميتها وسوق رجالها إلى العقبة ، وبعد ساعتين جاءه نجاب آخر من عمان يحمل إليه أوراق الحكومة التركية فيها مبرهنا على سقوطها وانجلاء الترك عنها قبل تخريب الجسر. فرأى الأمير فيصل عندئذ نقل المقر إلى بصرى عاصمة حوران ، مخافة أن يضم الأتراك شملهم في درعا دفاعا عن دمشق ولم يكد يستقر بها حتى بلغه سقوط درعا بيد الجيش العربي الإنكليزي ومتطوعة الحورانيين ، فسار إليها ونظم حكومتها وأخذ منه القلق لأنه كان جرى اتفاق بينه وبين الحلفاء أي بينه وبين البريطانيين أن كل فريق من العرب أو البريطانيين يسبق جيشه إلى فتح مقاطعة أو بلد يكون حق احتلالها وإدارة شؤونها لذلك الفريق إلى أن يبت في المصير ، وحافظ الجيش الإنكليزي على هذا الوفاق فكان إذا سبق ففتح بلدا أو أسقط حصنا في العمالة التي يريد إعطاءها للعرب يتوقف ريثما يدخل العرب فينسب الفتح إليهم ولا سيما في الشام الداخلية. ولذلك خف السيد نسيب البكري من الأزرق بأمر الأمير فيصل إلى جبل الدروز ولقي صديقه سلطان باشا الأطرش وجيش هذا من الجبل نحو مائتي فارس وذهبوا إلى بصرى وهناك التحق بهم بعض الحورانيين