بالطاعون. وفي رواية أنه وجد فيها ألفين من الأسرى الذين أطلقهم وكانوا عاهدوه في العريش ألا يحاربوه فقتلهم والحرب غشوم.
وقال مشاقة : إن بونابرت بعد أن فرق جموع الأتراك على الحدود السورية أرسل كتابا إلى الجزار ينصح له أن يجنح معه إلى السلم فلم يتنازل الجزار إلى إجابته ، فأرسل إليه رسولا ثانيا فقتله الجزار فحنق نابوليون وتقدم برجاله البالغ عددهم عشرة آلاف مقاتل إلى غزة ، وهزم من رجال الجزار أربعة آلاف فارس ، وأسفرت وقعة يافا عن قتل ثلاثة آلاف من الجنود التركية ، ودخلت رجال نابوليون يافا ، وتصرفت بما عثرت عليه من مال ومتاع ، وهذه هي المرة الأولى والأخيرة التي سمح بها نابوليون لرجاله بالتصرف والتمتع بمال المغلوب وأملاكه. وقال الشهابي : إن العساكر الفرنسية حاصرت يافا ثلاثة أيام وملكوها بالسيف ، وكان عسكر المسلمين فيها ينيف على اثني عشر ألفا فما سلم منه إلا القليل ، وقتل كثير من النساء والأولاد حتى جرى الدم في أسواق يافا ، وأرسلت دمشق عشرين ألف جندي إلى عكا فالتقاها ألف جندي من الفرنج وكسروها وقتلوا منها مقتلة عظيمة.
ولما جاءت الأخبار إلى دمشق بأن عسكر الجزار وعسكر الإنكليز قتلوا من جند نابوليون ثلاثة آلاف جندي زينت دمشق وضربت المدافع من قلعتها ، وقد أصيبت الأقاليم التي وقعت فيها تلك الوقائع وما إليها بالخراب ، ومن أهم خرابها تسلط الجند على ضعاف الرعايا فقد نهبت العساكر التي ذهبت من دمشق لمقاتلة الفرنسيين (١٢١٣) مدينة صفد وعملوا المنكرات أثناء طريقهم. فأصيبت فلسطين هذه المرة بغوائل كانت سواحل فينيقية وأعمالها تصاب بمثلها أو أكثر منها في القرنين الماضيين. وأصبحت مثل هذه الوقائع في هذا الجزء من الشام أي في اللبنانين الغربي والشرقي وما جاورهما من الأمور العادية ، وما ذلك إلا لقيام أمثال بني حمادة وبني معن وبني حرفوش وبني شهاب ممن كانوا يحاولون أن يظهروا بمظهر كبار الأمراء وهم صغار بمواقعهم ونقص تربيتهم الحربية وضعف أخلاقهم وقلة معارفهم، فكانوا بمقاومتهم (٣ ـ ٢)