الروس ، وهي مساواة الرعايا بالحقوق المدنية ، وإعفاء النصارى من الخدمة العسكرية ، وقيل: إن الدولة رغبت في وضع هذه الشريعة التي يقال عنها المساواة وهي ليست على شيء منه لتثير خواطر شعبها على النصارى وتجعل لهم سبيلا إلى بغضهم ومقتهم ، ولو كان النصارى وقتئذ على شيء من الحكمة لرفضوا إعفاءهم من الخدمة العسكرية التي جردتهم من الوطنية ، وأبكمت لسانهم عن المطالبة بحقوقهم. قال : وكان مسلمو دمشق عامة وسورية خاصة يسفهون عمل الدولة التركية الذي قامت به مضطرة عقب حرب القريم ، وكثر تذمر المسلمين من الدولة مع التقريع ، فأجابتهم أنها لم تفعل ذلك إلا مضطرة ، وبلغ من حقد المتعصبين أنهم تآمروا وألفوا الجمعيات السرية يطلبون بها خلع الدولة التركية وإبدالها بدولة تعيد مجد الإسلام ولا تخضع لأهل النصرانية وبلغ الأتراك أمرهم فأوغروا صدورهم على النصارى ليلهوهم ويتخلصوا من شرهم.
وبعد أن فصّل هجوم النصارى على مطران الروم بدمشق يريدونه على أن يرفع عنهم حيف الحكومة ، وطلبها بدل الخدمة العسكرية منهم ، وذكر كيف عرض المطران على الوالي بأن النصارى تجمهووا جمهرة العصاة وأرادوا الإيقاع به ، قال : إن الوالي لم يشأ أن يردع النصارى رأسا وأناط بتأديبهم رعاع المسلمين الذين كانت الحكومة تخشى بطشهم ، ولا تتجاسر على مطالبتهم بدفع الضرائب ، وكانت الحكومة غير راضية عنهم لفتكهم ببعض وزرائها وامتناعهم عن إجابة مطالبها ، ورغبة أحمد باشا (والي دمشق) بإثارتهم على النصارى كي يتخلص منهم أو من بعضهم فيقلّ عددهم وتضعف شوكتهم ويصبح إخضاعهم لأوامر الحكومة مكفولا فيرد عن دولته الخطر الذي كان يتهددها به مسلمو دمشق وقد جاهروا بخلع دولة الأتراك عنهم وراسلوا دولة مصر لتأتي لنجدتهم ولم يفلحوا.
«فرأى والي دمشق للوصول إلى هذا الغرض أن ينصب المدافع على أبواب الجامع الأموي وقاية للمسلمين الداخلين إليه في أوقات الصلاة من غدر النصارى! وأمر في عصر اليوم التاسع من تموز ١٨٦٠ بإخراج الرعاع المسجونين من المسلمين بقصد تطوافهم في الشوارع وهم مكبلون بالقيود إرهابا للثوار من المسلمين والدروز معا ، فلما وصلوا إلى باب البريد هجم بضعة من المسلمين على الخفر وبطشوا به وخلصوا رفاقهم ونادوا بالجهاد ، فهجم الأوباش على