المسيحيين في بيوتهم ومحلاتهم ووضعوا السيف فيهم ، قتلوا الرجال ، وسبوا العيال ، وهتكوا الأعراض ، وراحوا بالعروض والأموال ، وقتلوا بعض الرهبان الفرنسيسكانيين».
وذكر برانت قنصل بريطانيا أن السبب الرئيسي في إيقاد جذوة الفتنة أن أولاد المسلمين أخذوا يرسمون صورة الصليب في الطرقات ويدوسونها ويهينون المسيحيين المارين ، فقبض عليهم «التفكجي باشي» وقيدهم بالسلاسل وأكرههم على تكنيس الطرق ، فهجمت الغوغاء وأنقذتهم فاشتعلت الفتنة. قال : وعندي أن أحمد باشا مخطىء في ضعفه مع مجلسه ، وعدم اتخاذه الاحتياطات التي أشير عليه بها غير مرة ، وإصراره على إبقاء رئيس التفكجية في مركزه ، مع اشتهاره بعدم الكفاية رغما عن تحذير عدة أشخاص من جميع الطبقات منه قبل إيقاظ الفتنة بعدة أسابيع ، وإهماله إنقاذ مسيحيي حاصبيا وراشيا نكثا بوعوده لما أخبر بالخطر المحدق بهم ، وتقاعده عن استدراك مهاجمة زحلة وقلة اكتراثه بذبح الدروز النصارى إن لم نقل بتواطئه ، وهو القائل ، على ما روي ، إنه يوجد في سورية آفتان كبيرتان هما المسيحيون والدروز فكلما ذبح أحدهما الآخر استفادت الحكومة العثمانية. وإن حظر حمل السلاح على النصارى والسماح به للمسلمين والدروز لا يمكن تأويله إلا بأن حكومة تلك الأيام كانت لا تهتم لفتنة تحدث أو أنها تود إحداثها أو لا تجسر أن تعامل الجميع بالسوية. وقال الماجور فرازر إن فؤاد باشا قال له : إن الدمشقيين يكرهون الأتراك ، وأن من الضروري إلقاء الرعب في قلوبهم توطيدا لأركان الحكم العثماني فيتجنبون ركوب متن الفتنة.
وقد علل مشاقة سبب فتنة دمشق تعليلا مقبولا فقال : «إنه لم يكن لها تعلق بحادثة لبنان بل لها أسباب خصوصية نشأت عن تصرفات جهلة النصارى عندما عجز عقلاؤهم عن ردعهم ، فلما وضعت الدولة قوانين المساواة بين رعاياها من أي مذهب كانوا توسع جهلة النصارى في تأويل هذه المساواة بأن معناها أنه لا يجب على الصغير الخضوع للكبير ولا للوضيع أن يحترم الرفيع ، وتوهموا أن أدنياء النصارى هم بمنزلة عظماء المسلمين ، ولم يريدوا أن يفهموا أن المساواة هي في الحقوق الشرعية والنظامية ، وأن من الواجب حفظ اعتبار