وإذا قدر الزمان (١) قبله ، فلا بدّ هناك من حصول كلام يفيد فائدة تامة.
وإلى هذا أشار بقوله (ومن ثم) أي : ومن أجل أنه لتوقيت أمر بمدة ثبوت خبرها لفاعلها (احتاج إلى) وجود (كلام) مستقل بالإفادة (لأنه) حينئذ مع اسمه وخبره (ظرف) والظرف فضلة غير مستقل بالإفادة ، مثل : (أجلس ما دام زيد جالسا) أي : أجلس مدة دوام جلوس زيد.
فما دام لم يشفع (ما دام) (٢) ب : (أجلس) ولم يحصل من المجموع كلام لا يفيد فائدة تامة ، بخلاف الأفعال المصدرة بحرف النفي فإنها مع أسمائها وأخبارها كلام مستقل بالإفادة ، فلا حاجة إلى وجود كلام ورائها.
(وليس (٣) لنفي مضمون الجملة حالا) أي : زمان الحال ، مثل : ليس زيد قائما ، أي : الآن.
وهذا هو مذهب الجمهور.
(وقيل) هي لنفي مضمون الجملة (مطلقا) ولذلك تقيد (٤) تارة بزمان الحال ، كما
__________________
(١) بخلاف ما لم يقدر الزمان حينئذ يكون مؤولا بالمصدر المضاف إلى مضمون الجملة ، فلا بد من تقديم مفرد آخر يصير معه كلاما تاما. (س).
(٢) وفي هذا الكلام ظرافة ظاهرة فإن المراد بما دام الأول معناه ، وقوله : (لم يشفع) على صيغة المجهول من التشفيع والجملة صلة ما في ما دام الأول وهو ظرف لقوله لا يفيد. (تكملة).
ـ قوله : (ما دام لم يشفع) أي : لفظه وقد تنازع الفعلان فيه ، فإن أعملت الثاني ففي الأول ضمير هو اسمه ، وإن أعملت الأول فهو اسمه ولم يشفع خبره تقدم على الاسم ، وعلى التقديرين لا يدخل ما دام على الجملة الفعلية على ما وهم. (س).
(٣) قوله : (وليس) كلمة نفي ، وهي فعل ماض وأصلها ليس بكسر الياء فسكنت استثقالا ولم يقلب ألفا ؛ لأنها لا من حيث استعملت بلفظ الماضي حالا ، والدليل على أنها فعل قولهم : لست لستما لستم ، كقولهم : ضرب ضربتما ، والباء يختص بخبرها دون أخواتها ، نحو : ليس زيد بمنطلق ، فالباء لتعدية الفعل وتأكيد النفي ، ولك أن لا تدخل الباء لأن المؤكد يستغني عنه ، ولا من الأفعال ما يتعدى بنفسه وبحرف الجر ، وقد يستثنى بها تقول : جاءني القوم ليس زيدا ، تقديره : ليس الجائي زيد. (مختار الصحاح).
(٤) قوله : (ولذلك يقيد) فإنه لو كان لنفي الحال يكون التقيد بزمان الحال تأكيدا والتقييد بزمان الماضي والاستقبال محتاج إلى التجريد ، وكلاهما خلاف الأصل ، قال الأندلسي : ليس ـ