والمراد بالأصوات ههنا (١) : ما كانت باقية على ما هي عليه من غير نقلها على سبيل (٢) الحكاية (٣) وهي بهذا الاعتبار ليست بأسماء لعدم كونها دالة بالوضع وذكرها (٤) في باب الأسماء لإجرائها مجراها وأخذها حكمها وبنيت لجريها مجرى مالا تركيب فيه من الأسماء.
فالأصوات بهذا الاعتبار (كل لفظ) إنما قال (لفظ) ولم يقل اسم لعدم الوضع فيها، كما عرفت.
(حكى (٥) به صوت) أي : صدر (٦) على لسان الإنسان تشبيها بصوت شيء كما عرفت في القسم الثاني من الأصوات الغير المنقولة.
(أو صوت به للبهائم) (٧) ...
__________________
(١) وإنما سميت أصواتا ولم يسم سائر أقسام الكلمة أصواتا مع أنها من جنس الأصوات لكونها موضوعة لمعنى.
(٢) بأن جعلت مقول القول لعدم كونها دالة بالوضع لما أن الأول دال بالطبع وأن الثاني حكاية الصوت وإصدار على لسان الإنسان تشبيها بشيء ولا يخفى أنه ليس بموضوع وكذا الثالث ؛ لأنه لم يوضع لإناخة البعير وإنما هو مجرى عادة الله بإناخته عند إسماعه. (وجيه الدين).
(٣) والحق أن المراد بالأصوات وكذا كل قسم من أقسام المبني ما يشمل المراد به نفسه والمستعمل بما هو الغرض منه وإلا لكان بيان المبنيات في الكتب النحوية قاصرا وتعريف الأصوات يشمل كلها باعتبار الحكاية بها ؛ لأنه يصدق على الجميع حكى به صوت. (عصام).
(٤) جواب سؤال ورد على قوله : (ليست بأسماء) بأنها إذا لم تكن أسماء ينبغي أن لا تذكر في عداد الأسماء فأجاب عنه بما ترى. (أيوبي).
(٥) لم يقل ما حكى به صوت كالبيضاوي لئلا يتبادر منه اسم لشيوع إعادته منه ؛ لأنه ليس اسما بل لفظا لم يوضع ولا سبيل إلى كونه كلمة فضلا عن كونه اسما.
(٦) قوله : (أي : صدر ... إلخ) إنما فسر بذلك ؛ لأن حقيقة الحكاية لا يتأتى هاهنا إذ شرط الحكاية أن يكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة محركة بحركات صحيحة وليس المحكي كذلك والحيوانات والجمادات لا يحسن الإفصاح بالحروف إفصاح الإنسان. (وجيه الدين).
(٧) قال بعض النحاة : هذا القسم داخل في أسماء الأفعال وارتضاه المرتضى وأرى أن الحق لدخوله في حدها بقي قسم ثالث للصوت وهو لفظ غير موضوع صادر عن الإنسان ودال على معنى الطبع كنخ عند الإعجاب ووي للمتندير وآه للمتوجع وأخ للسعال وهذا القسم ليس بكلمة وحكم آخره على ما تقتضيه الطبع فإذا حكى دخل في القسم الأول وقد سبق الكلام.