ثم بعد ذلك ببرهة ، نهض سار بارتل فرير ، وخطب خطبة وجيزة في مدح سعادة السلطان ، وفيما أجراه من الإصلاح في مملكته وعتق (١) الرقيق والاعتناء (٢) بترقي أحوالهم وتهذيبهم ، وقال من جملة ما قال هذا السار الشريف :
" إذا قابلنا حالة زنجبار مع حالة بلاد الإنكليز رأينا أن سعادة السيد برغش ـ أيده الله ـ قد فاق الإنكليز في مساعيه الحسنة من جهة عتق الرقيق. فإن الدولة البريطانية صرفت سنين عديدة ودراهم وافرة قبل أن تمكنت من عتق الرقيق الذين كانوا في مستعمراتها ولم تنجح مساعيها وتفوز بوطرها إلا منذ بضع سنين فقط. والشيوخ الذين ما زالوا أحياء منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا يشهدون لنا بما عانته الدولة البريطانية من التعب والمصاعب في تحرير الرقيق في البلاد التابعة لها. أما السيد برغش ـ أيده الله ـ فقد نجح في إلغاء تجارة الرقيق وعتقهم في بلاده في برهة قصيرة من الزمان ، وإن قاسى مشقات عظيمة. ومع هذا كله لم يكن تحت أمر سعادته أموال وافرة وذهب وضاح مثلما كان تحت أمر الدولة البريطانية. فلا جرم (٣) إذا كان لسعادة السيد برغش فضل عظيم في هذا الأمر أكثر من الدولة البريطانية القوية بالمال والرجال".
" وزد على هذا كله أن سعادة السيد ـ صانه المولى ـ عرف حقّ المعرفة بحذق عقله الراجح أن ما تطلبه منه الدولة البريطانية فيما يختص (٤) بإبطال تجارة الرقيق كان من أصعب الأمور وأشدها خطرا على ملكه. وكان جميع رجال دولته يرون في اقتراحات الدولة البريطانية خراب بلادهم. أما السيد ـ صانه الله ـ فصمم على الانقياد إلى اقتراحات الحكم الإنكليزى عليه ، وفضّل خسارة المال واحتمال المشقات على خسارة صداقة الدولة البريطانية التي كان هو وجدوده الكرام قد عنوا غاية العناية في اكتسابها. بعد كل هذه المصاعب والمشقات ، مازال
__________________
(١) ب : فأعتق
(٢) ب : وجاهد
(٣) ب : عجب
(٤) أ : نيط