هذا البطل الهمام والسيد القمقام (١) محافظا على عهوده ، ومكملا وعوده ، ومنصرفا إلى العناية باصلاح شؤون رعاياه ، وتوسيع نطاق الحضارة في بلاده. وإذا أردتم ـ أيها السادات الحاضرون في هذا المحفل ـ أن تتأكدوا صدق مقالي ، اسألوا الدكتور كيرك قنصل جنرال دولة بريطانيا الحاضر بيننا ، وهو يسرد على أسماعكم كلّ ما أجراه السيد برغش من الإصلاح في ملكه. فرفع الحاضرون أصواتهم جميعا ، وقالوا : " حبّذا! حبّذا! فليحي سعيدا سلطان زنجبار المعظم! ".
ثم استأنف (٢) سار بارتل فرير كلامه ، وقال : " إن السيد برغش لم يقتصر فقط على إجراء شروط المعاهدة التي عقدها مع الدولة البريطانية ، بل قد بذل وسعه تلبيا في إبطال تجارة الرقيق من أصل البرّ أيضا (٣). فمن كان متصفا بصفات السيد برغش الحميدة ، وأتى مدينة لندن أكبر مدن الدنيا ، لا بد من أن يرحّب بقدومه كل انكليزي يحبّ العمران ، ويعرف مقام هذا السلطان ، ويثني على مساعيه الخيرية ما تلألأ الفرقدان وتعاقب الملوان".
ثم أردف سار بارتل فرير في كلامه ، وقال : " أيها السادات الكرام ، انظروا إلى هذا الشيخ المهيب الجالس عن يمين سعادة السلطان ، وهو الشيخ حمد (٤) بن سليمان كبير وزراء السيد برغش وأعظم مشيريه واسألوه : ما ذا كان رأيه في بادئ الأمر لما اقترحت الدولة البريطانية على سعادة السلطان إبطال تجارة الرقيق ؛ فإن هذا الشيخ الجليل لما أحيط علما بهذه الاقتراحات استصعبها وحسبها علة خراب المملكة وسبب خسارة عظمى له ولجميع أغنياء بلاده لأنه صاحب أراض واسعه وعقارات وافرة ، وكان مستوليا على عدد غفير من الرقيق
__________________
(١) ب : الجليل
(٢) أ : استتلى
(٣) عوّض ب : من أصل البرّ أيضا ، بعبارة" في بلاده" وهذ أضر بالمعنى إذ المقصود أن السلطان لم يكتف بجزيرته وإنما تعداها إلى بر افريقيا
(٤) أ : محمد