وبعد انحدار الماء من الأراضي تبقى مكتسية (١) بطين أسود علك (٢) ، فيه دسومة كثيرة ، يسمّى" الإبليز" وهو يدمّلها (٣) ، ويقوّيها على تغذية النبات والزروع. وكلما زاد فيض النيل زاد الخصب في بلاد مصر. وفي ذلك قال أبو الحسن المعروف بابن الوزير (٤) : (من الوافر)
أرى أبدا كثيرا من قليل |
|
وبدرا في الحقيقة من هلال |
فلا تعجب ، فكل خليج ماء |
|
بمصر مسبّب لخليج مال |
زيادة إصبع في كل يوم |
|
زيادة أذرع في حسن حال |
وقال المؤرخ عبد اللطيف البغدادي (٥) في كلامه على نيل مصر : " اتفق أن زيادة النيل بلغت في سنة ست وتسعين وخمس مائة للهجرة ١٢ ذراعا و ٢١ أصبعا. وهذا المقدار نادر جدّا فإنه لم يبلغنا ـ منذ الهجرة إلى الآن ـ أنّ النيل وقف على هذا الحد قطّ إلا في سنة ٣٥٦ فإنه وقف دون هذا المقدار بأربعة أصابع. وأما على ثلاثة عشر ذراعا وأصابع فإنه وقع ستّ مرّات في هذه المدة الطويلة. وأما ١٤ ذراعا فإنه وقع (٦) نحو ٢٠ مرّة. وأما ١٥ ذراعا فأكثر من ذلك كثيرا".
" وزعم أقباط الصعيد أنهم يتكهنون على مقدار الزيادة في السّنة من طين معلوم الوزن ، ينجّمونه في ليلة معروفة ، ويزنونه غدوة ، فيجدونه قد زاد ، فيحكمون من مقدار زيادته على مقدار زيادة النيل. وقوم يتكهنون من حمل النخل. وقوم من تعسيل النحل. ورأيت أن بعض (٧)
__________________
(١) ب : مكتسبة
(٢) علك : ساقط في ب
(٣) دمل الأرض : أصلحها بالدمال أي الزبل
(٤) وجدنا عدة أعلام يحملون هذا الاسم دون : ابو الحسن
(٥) يعرف بابن اللباء : (٥٥٧ / ١١٦٢ ـ ٦٢٩ / ١٢٣١) عالم متعدد الاختصاصات ، له عدة تصانيف منها : الدرة المضيئة في فضل مصر والاسكندرية وأخبار مصر. كحالة : معجم : ٦ / ١٥ ـ ١٦ ، وفصل :
Abdellatif : E. I. ٢ : ١ / ٤٧) Stern (
(٦) أ : صلح
(٧) أ ، ب : ورأيت لبعض من شرح ...