ومصمود (١) أمام الباب تمثال إبراهيم باشا (٢) والد الخديو ، وهو راكب على حصان. وكانت العساكر محافظة على تلك الدار من داخل ومن خارج.
ولما استقرّ السلطان فيها ، واستراح مدة من الزمان ، طلب إليه رجال الدولة المصرية أن يخرج معهم ليفرّجوه على ما في المدينة من المنتزهات والتحف. فأجاب طلبتهم ، وخرج. فساروا به أولا إلى بستان الأزبكيّة (٣) : وهو بستان كبير محفوف بالأشجار والأزهار ، وفيه بركة ماء متسعة كان المرحوم محمد علي باشا ـ صاحب مصر ـ يجلس عليها للمؤانسة مع حرمه. وقيل : إنه كان له قارب صغير يجعله في البركة ، وتنزل فيه بعض من جواريه ويقذفن به حول البركة.
وبعد أن فرغوا من الفرجة على تلك الدار ، وما فيها من التحف ساروا به ثاني يوم إلى خزانة الكتب (٤) ومدرسة الطبّ. فرأوا فيها تلاميذ كثيرين من طلبة العلم والمريدين. وفي خزانة الكتب هذه مصاحف كبيرة الحجم وقديمة العهد ، وفيها كتب الفقه والفرائض والطب والتفاسير والنحو والصرف والفلسفة والهندسة والكيمياء والشعر والآداب إلى غير ذلك من كتب العلوم القديمة والمستجدّة ، ومصمود (٥) ـ في بعض غرف الدار ـ ثلاث صور : واحدة صورة لمحمد علي باشا ، والثانية صورة ولده إبراهيم ، والثالثة صورة الخديو إسماعيل باشا. وفي غرفة أخرى آلات علم الطبيعيات : منها آلة كهربائية تتركب من دولاب ولوح من البلور ،
__________________
(١) ب : مقام
(٢) هو ابن محمد علي باشا (١٢٠٤ / ١٧٩٠ ـ ١٢٦٤ / ١٨٤٨) كان قائدا عسكريا تمكن من الاستلاء على بلاد الشام ثم عادت إلى الباب العالي. تولى حكم مصر في حياة ابيه مدة ٧ أشهر. الطعمي : معجم : ص ص ٨ ـ ٩ ، الزركلي : الأعلام : ١ / ٧٠
(٣) حي من أحياء القاهرة. ورد في كتاب" القاهرة في ألف عام" (٩٦٩ ـ ١٩٦٩): " وبعد ما كانت الأزبكية حيا مزدحما بالبيوت ذات المشربيات التقليدية أصبحت تضم مباني مبنية على الطراز الفرنسي" ص ٢٩ ، زكي : موسوعة : ص ١١ ـ ١٢
(٤) المقصود المكتبة الوطنية التي ستحمل اسم : دار الكتب ، اسسها الخديوي اسماعيل سنة ١٨٧٠ بدرب الجماميز ، ثم نقلت إلى أماكن أخرى. زكي : موسوعة : ص ١٠٧ ، وفصل : Ismail Pasha : E.I.٢ : IV / ٢٩١
(٥) ب : ومعلّق