وسارت بهم البارجة إلى باب المندب في خمسة أيام [٢٨ رجب ١٢٩٢ (٢ سبتمبر ١٨٧٥)]. ثم وصلوا إلى بندر عدن في الساعة الثانية من النهار.
ولما دخلوا المرسى أطلقت البوارج البريطانية ٢١ مدفعا ترحابا بوصول سعادة السلطان بالسلامة. وبات السيد ورجاله في الباخرة تلك الليلة.
ولما أصبح أتت قوارب من بوارج الإنكليز ، وأخرجت سعادته ورجاله إلى البرّ. وأطلقوا له ٢١ مدفعا. ثم اصطفت العساكر إجلالا لسعادة السلطان. وأتى والي البلد ورؤساء العساكر ، وسلّموا على سعادته ، وساروا به إلى دار والي البلد. ولما استراح قليلا قال له الوالي : " قد أمرتني الدولة البريطانية أن أهيئ لسعادتك دارا تليق بمقامك ، وقد فعلت ما أمرت به ، فأطلب إلى سعادتك أن تشرّفها بنزولك فيها". فأجاب السيد : " حبّا وكرامة". وسار إليها برجاله. وأقاموا بها إلى حين سفرهم من عدن.
وكان سعادة الخديو أمر قبطان الباخرة التي حملت السلطان أن يسير به حتى زنجبار في بارجة الخديو. ولكن سعادة السلطان اعتذر للقبطان ، وشكر له ولأفضال سعادة الخديو. وقال : إن من نيته الإقامة في عدن مدة من الزمان في انتطار الدكتور كيرك الذي تخلّف عن سعادته بلندن لإنهاء بعض أشغال الدولة ، ولا يحبّ أن يحجز بارجة الخديو زمانا طويلا بعدن. ومن ثمة كتب السلطان كتابا إلى الخديو يشكره على أفضاله العميمة ، ورخّص للقبطان بالإياب إلى مصر.
ثم وصل الدكتور المومأ إليه في شعبان ، والتقى (١) بالسيد. وكانت جلالة ملكة الإنكليز قد أرسلت صحبة قبطان الباخرة رسم صورتها إلى سعادة السلطان. فأتى القبطان ، وطلب مقابلة سعادته ، ودخل عليه ، وسلّمه صورة الملكة ، فتناولها السلطان بعزّ وإكرام ، وأنعم
__________________
(١) أ : تواجه