وفيما كان سائرا من حوض إلى آخر سمع بعضا من خدمه يتكلمون بصوت جهير ، وهم يتفرجّون على الأسماك. فالتفت إليهم بوقار ورزانة ملوكية ، ووضع أصبعه على شفتيه مشيرا إليهم بذلك أن يلزموا الصمت. فلحظ ذلك على سعادته رجل من الإنكليز الواقفين ، واستحلى ذلك من سعادته ، وقال : " لله درّ هذا السلطان! فإنه قد جمع في شخصه المبجّل (١) جميع الأوصاف الملوكية الحميدة". وسرّ بذلك جميع الحاضرين.
وقد طبعنا صورة مدينة برايطن ومنظر الجسر الحديد الممتد فوق البحر.
وكانت دار الأسماك كلها مزينة بالزهور الجميلة.
وبعد فروغ سعادته من الفرجة على الأسماك استدعاه حاكم المدينة إلى مأدبة الطعام.
وبعد ذلك حضر المصوّر مستر لمباردي وصوّر سعادته بتصوير النور.
ثم بعد ذلك استدعاه سار ألبرت ساسون التاجر المشهور إلى داره الفسيحة ، وأولم له وليمة فاخرة.
ثم حضر حاكم المدينة ، وطلب إلى سعادته أن يحضر إلى قصر الفرجة لاستماع أنغام الموسيقة العذبة ، فأجاب السلطان طلب (٢) الحاكم ، وذهب في رفقته. وكانت تلك الموسيقة من أحسن الموسيقات التي تدقّ في المرسح الملوكي بلندن.
وفي ختام ذلك أهداه ناظر دار الأسماك كتابا يحتوي على تصاوير فوتوغراف فيها رسم دار الأسماك وما ضمّته (٣). وفي أثناء ذلك نهض سار كوردي بروز وألقى خطابا استرحب فيه بتشريف سعادة السلطان ذلك المحفل الجميل (٤). وفي خاتمة الخطاب أو عز [السلطان] إلى صديقه جرجس باجر الفقيه أن يترجم شعائر سعادته إلى ذلك الشعب الحافل ، ويشكر سار كوردي
__________________
(١) أ : المجمل
(٢) أ : طلبة
(٣) أ : وما ضمنها
(٤) ذلك المحفل الجميل : ساقط في ب