عبد الله المأمون بن هارون الرشيد لسبع خلون من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين ، وبويع أخوه المعتصم ، أبو إسحاق محمد بن هارون كتب إلى كندر بن نصر الصفدي أمير مصر ، يأمره بإسقاط من في ديوان مصر من العرب ، وقطع العطاء عنهم ففعل ذلك ، وكان مروان بن محمد الجعدي آخر خلائف بني أمية قطع عن أهل مصر العطاء سنة ، ثم كتب إليهم كتابا يعتذر فيه : إني إنما حبست عنكم العطاء في السنة الماضية لعدوّ حضرني ، فاحتجت إلى المال ، وقد وجهت إليكم بعطاء السنة الماضية ، وعطاء هذه السنة فكلوه هنيئا مريئا ، وأعوذ بالله أن أكون أنا الذي يجري الله قطع العطاء على يديه ، ولما قطع كندر عطاء أهل مصر خرج يحيى بن الوزير الجرويّ في جمع من لخم وجذام وقال له : هذا أمر لا يقوم فينا أفضل منه لأنا منعنا حقنا وفيئنا ، فاجتمع إليه نحو خمسمائة رجل.
ومات كندر في ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين ، وولي ابنه المظفر مصر من بعده ، فسار إلى يحيى ، وقاتله في بحيرة تنيس ، وأخذه أسيرا فانقرضت دولة العرب من مصر ، وصار جندها العجم والموالي من عهد المعتصم إلى أن ولي الأمير أبو العباس أحمد بن طولون مصر ، فاستكثر من العبيد ، وبلغت عدّتهم زيادة على أربعة وعشرين ألف غلام تركيّ ، وأربعين ألف أسود ، وسبعة آلاف حرّ مرتزق ، ثم استجدّ ابنه الأمير أبو الجيش خمارويه بعده عدّة من شناترة حوف مصر ، فلما كانت إمارة الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد على مصر ، بلغت عدّة عساكره بمصر والشام أربعمائة ألف تشتمل على عدّة طوائف.
ثم إن الأستاذ أبا المسك كافورا الإخشيدي استجدّ عدّة من السودان في أيام تحكمه بمصر ، فلما تغلب الإمام المعز لدين الله أبو تميم معدّ الفاطمي على مصر صارت عساكرها ما بين كتامة وزويلة ونحوها من طوائف البربر ، وفيهم الروم والصقالبة ، وهم في العدد كما قيل. ومنهم معدّ. ولم تكن جيوشه تعدّ ، ولا لما أوتيه كان حدّ ، من كل ما يسعد فيه جدّ ، وحتى قيل : إنه لم يطأ الأرض بعد جيش الإسكندر بن فليبس المقدوني أكثر عددا من جيوش المعز ، فلما قام في الخلافة بمصر من بعده ابنه العزيز بالله أبو منصور نزار استخدم الديلم والأتراك واختص بهم.
وذكر الأمير المختار عبد الملك المسبحي في تاريخه : أن خزانة الخاص حملها لما خرج العزيز إلى الشام عشرون ألف جمل خارجا عن خزائن القوّاد وأكابر الدولة.
وذكر ابن ميسر في تاريخه : أن عبيد السيدة أم المستنصر بالله أبي تميم ، معدّ بن الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن عليّ بن الحاكم بأمر الله أبي عليّ منصور بن العزيز بالله خاصة كانت عدّتهم خمسين ألف عبد سوى طوائف العسكر ، ورأيت بخط الأسعد بن مماتي أن عدّة الجيوش بمصر في أيام رزيك بن الصالح طلائع بن رزيك كانت أربعين ألف فارس ،