وستة وثلاثين ألف راجل ، وزاد غيره ، وعشرة شواني (١) بحرية فيها عشرة آلاف مقاتل ، وهذا عند انقراض الدولة الفاطمية ، فلما زالت دولتهم على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، أزال جند مصر من العبيد السود والأمراء المصريين والعربان والأرمن ، وغيرهم واستجدّ عسكرا من الأكراد والأتراك خاصة ، وبلغت عدّة عساكره بمصر اثني عشر ألف فارس لا غير ، فلما مات ، افترقت من بعده ، ولم يبق بمصر مع ابنه الملك العزيز عثمان سوى ثمانية آلاف فارس ، وخمسمائة فارس إلا أن فيهم من له عشرة أتباع ، وفيهم من له عشرون ، وفيهم من له أكثر من ذلك إلى مائة تبع لرجل واحد من الجند ، فكانوا إذا ركبوا ظاهر القاهرة يزيدون على مائتي ألف ، ثم لم يزالوا في افتراق ، واختلاف حتى زالت دولتهم بقيام عبيدهم المماليك الأتراك ، فحذوا حذو مواليهم بني أيوب ، واقتصروا على الأتراك وشيء من الأكراد ، واستجدّوا من المماليك التي تجلب من بلاد الترك شيئا كثيرا حتى يقال : إنّ عدّة مماليك الملك المنصور قلاون كانت سبعة آلاف مملوك ، ويقال : اثني عشر ألفا ، وكانت عدّة مماليك ولده الأشرف خليل بن قلاون اثني عشر ألف مملوك ، لم تبلغ بعد ذلك قريبا من هذا إلى أن زالت دولة بني قلاون في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة بالملك الظاهر برقوق ، فأخذ في محو المماليك الأشرفية ، وأنشأ لنفسه دولة من المماليك الجركسية بلغت عدّتهم ما بين مشترى ومستخدم أربعة آلاف أو تزيد قليلا ، فلما قدم من بعده ابنه الناصر فرج ، افترقوا واختلفوا ، فلم يقتل حتى هلك كثير منهم بالقتل وغيره.
وعساكر مصر في الدولة التركية على قسمين : أجناد الحلقة ، والمماليك السلطانية ، وأكثر ما كانت أجناد الحلقة في أيام الناصر محمد بن قلاون ، فإنها بلغت على ما رأيته في جرائد ديوان الجيش بأوراق الروك الناصري أربعة وعشرين ألف فارس ، ثم ما زالت تنقص حتى صارت اليوم مع قلّة عدّتها سواء منها الألف والواحد فإنها لا تنفع ولا تدفع ، وأما المماليك ، فإنها اليوم قليل عددها بحيث لو جمعت أجناد الحلقة مع المماليك السلطانية لا تكاد أن تبلغ خمسة آلاف فارس يصلح منها لأن يباشر القتال ألف أو دونها ، وهي اليوم قسمان : أجناد الحلقة ، والمماليك السلطانية.
والمماليك السلطانية ثلاثة أقسام : ظاهرية وناصرية ومؤيدية ، والمؤيدية ما بين حكمية ونوروزية ، ومن استجدّه المؤيد وإن خوفي ليكثر أن يكون الحال بعد الملك المؤيّد ، أبي النصر شيخ ـ خلد الله ملكه ـ يتلاشى إلى أن يؤيد الله الملك بابنه الأمير ، صارم الدين إبراهيم ـ شدّ الله به أزره ـ فإنه فتح من البلاد الرومية ما لا ملكه أحد من
__________________
(١) الشواني : جمع شيني أو شينية وهي السفن الحربية الكبيرة وكانت مستعملة على نطاق واسع في مصر.
مصطلحات (محمد رمزي).