النساء والرجال في شهر رمضان لا سيما على الخليج لما فتح ، وعلى مصر لما زاد الماء وتلقى فيه النيل بمعاص نسأل الله أن لا يؤاخذنا بها ، وأن لا يعاقبنا عليها بجرأة أهلها.
وقال جامع السيرة التركية : ولما استقل الملك المعز عز الدين أيبك التركمانيّ الصالحيّ بمملكة مصر في سنة خمسين وستمائة ، بعد انقراض دولة بني أيوب استوزر شخصا من نظار الدواوين يعرف بشرف الدين هبة الله بن صاعد الفائزي ، أحد كتاب الأقباط ، وكان قد أظهر الإسلام من أيام الملك الكامل ، وترقى في خدمة الكتابة ، فقرّر في وزارته أموالا على التجار ، وذوي اليسار ، وأرباب العقار ، ورتب مكوسا وضمانات سموها : حقوقا ومعاملات.
ولما ولي الملك المظفر (١) سيف الدين قطز : مملكة مصر ، بعد خلعه الملك المنصور ، علّي بن المعز أيبك أحدث عند سفره الذي قتل فيه مظالم كثيرة لأجل جمع المال ، وصرفه في الحركة لقتال جموع التتر ، منها : تصقيع الأملاك ، وتقويمها وزكاتها ، وأحدث على كل إنسان دينارا يؤخذ منه ، وأخذ ثلث التركات الأهلية ، فبلغ ذلك ستمائة ألف دينار في كل سنة.
فلما قتل قطز وجلس الملك الظاهر ركن الدين بيبرس بعده على سرير الملك بقلعة الجبل ، أبطل ذلك جميعه ، وكتب به مساميح قرئت على المنابر ، ثم أبطل ضمان المزر وجهاته في سنة اثنتين وستين وستمائة.
وكتب وهو بالشام إلى الأمير عز الدين الحليّ نائب السلطنة بمصر : أن يبطل بيوت المزر ، ويعفي آثاره ، ويخرب بيوته ، ويكسر مواعينه ، ويسقط ارتفاعه من الديوان. فإنّ بعض الصالحين تحدّث معي في ذلك ، وقال : القمح الذي جعله الله تعالى يداس بالأرجل ، وقد تقرّبت إلى الله تعالى بإبطاله ، ومن ترك شيئا لله عوّضه خيرا منه ، ومن كان له على هذه الجهة شيء يعوّضه الله من المال الحلال ، فأبطل الحليّ ذلك ، وعوّض المقطعين عليه بدله.
وفي سنة ثلاث وستين أبطل حراسة النهار بالقاهرة ومصر ، وكانت جملة مستكثرة ، وكتب بذلك توقيعا ، وأبطل من أعمال الدقهلية والمرتاحية عن رسوم الولاية ، أربعة وعشرين ألف دينار ، وفي خامس عشري شهر رمضان سنة اثنتين وستين وستمائة ، قرىء بجامع مصر مكتوب بإبطال ما قرّر على رسوم ولاية مصر من الرسوم ، وهي مائة ألف درهم مصرية ، فبطل ذلك ، وأبطل ضمان الحشيش من ديار مصر كلها في سنة خمس وستين وستمائة.
__________________
(١) قطز : سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي كان مملوكا للمعز أيبك وهو ثالث ملوك الترك المماليك بمصر والشام قتل سنة ٦٥٨ ه. الأعلام ج ٥ / ٢٠١.