سبع وثمانين وثلثمائة :
انظر إلى الهرمين إذ برزا |
|
للعين في علو وفي صعد |
وكأنما الأرض العريضة قد |
|
ظمئت لطول حرارة الكبد |
حسرت عن الثديين بارزة |
|
تدعو الإله لفرقة الولد |
فأجابها بالنيل يشبعها |
|
ريا وينقذها من الكمد |
لكرامة المولى المقيم بها |
|
خير الأنام مقوّم الأود |
وقال سيف (١) الدين بن جبارة :
لله أيّ عجيبة وغريبة |
|
في صنعة الأهرام للألباب |
أخفت عن الأسماع قصة أهلها |
|
ونضت عن الأبداع كل نقاب |
فكأنما هي كالخيام مقامة |
|
من غير ما عمد ولا أطناب |
وقال آخر :
انظر إلى الهرمين واسمع منهما |
|
ما يرويان عن الزمان الغابر |
وانظر إلى سرّ الليالي فيهما |
|
نظرا بعين القلب لا بالناظر |
لو ينطقان لخبرانا بالذي |
|
فعل الزمان بأوّل وبآخر |
وإذا هما بديا لعيني ناظر |
|
وصفا له أذني جواد عائر |
وقال الإمام أبو العباس أحمد بن يوسف التيفاشي :
ألست ترى الأهرام دام بناؤها |
|
ويفني لدينا العالم الإنس والجنّ |
كأن رحى الأفلاك أكوارها على |
|
قواعدها الأهرام والعالم الطحن |
وقال :
قد كان للماضين من |
|
سكان مصرهم |
فالفضل عنهم فضلة |
|
والعلم فيهم علم |
ثم انقضت أعلامهم |
|
وعلمهم واحتطموا |
وانظر تراها ظاهرا |
|
باد عليها الهرم |
وقال :
خليليّ لا باق على الحدثان |
|
من الأوّل الباقي فيحدث ثاني |
إلى هرمي مصر تناهت قوى الورى |
|
وقد هرمت في دهرها الهرمان |
فلا تعجبا أن قد هرمت فإنما |
|
رماني بفقدان الشباب زماني |
__________________
(١) في النجوم الزاهرة ج ١ / ٥٣ : سعد الدين بن جبارة.