بأذى أو فساد من جنيّ أو إنسيّ أو سبع أو طائر ، وعمل بالمدينة قبة مركبة على سبعة أركان ولها سبعة أبواب على كل ركن باب ، وفي وسط القبة قبة من صفر ، وفي أعلاها صور الكواكب السبعة ، وتحت القبة قبة أخرى معلقة على سبع أساطين ، وعلى الباب الأوّل من القبة : أسد ولبوة من صفر ، وهما رابضان ، كان يذبح لهما جروا أسود ويبخرهما بشعره ، وعلى الباب الثاني : ثور وبقرة يذبح لهما عجلا ويبخرهما بشعره ، وعلى الباب الثالث : خنزير وخنزيرة يذبح لهما خنوصا ويبخرهما بشعره ، وعلى الباب الرابع : كبش وشاة يذبح لهما سخلة ويبخرهما بشعرها ، وعلى الباس الخامس : ثعلب وثعلبة يذبح لهما فرخ ثعلب ويبخرهما بشعره ، وعلى الباب السادس : عقاب وأنثاه يذبح لهما فرخ عقاب ويبخرهما بريشه ، وعلى الباب السابع : نسر وأنثاه يذبح لهما فرخ نسر ويبخرهما بريشه ، ويلطخ كلا منهما بدم ما ذبح له ، وتحرق سائر القرابين ، ويوضع رمادها تحت عتبات أبواب القبة ، وجعل لهذه القبة سدنة يشعلون المصابيح ليلا ونهارا ، وقسم الناس بمصر سبع مراتب ، لكل مرتبة منهم : باب من أبواب تلك القبة ، فكان الخصم إذا تقدّم إلى شيء من تلك الصور ، وكان ظالما فإنه يلتصق بها ولا يتخلص منها حتى يخرج من الحق الذي عليه ، الذكر للذكر ، والأنثى للأنثى ، فيعرفون بذلك الظالم من المظلوم.
ولم تزل هذه القبة بأمسوس حتى أزالها الطوفان ، ويقال : إنه رأى أباه في النوم وهو يأمره أن ينطلق إلى جبل وصفه له من جبال مصر ، فإنّ فيه كوّة صفتها كذا على بابها أفعى لها رأسان إذا أقبل إليها كشرت في وجهه فخذ معك طائرين صغيرين ذكرا وأنثى ، فاذبحهما لها وألقمها إياهما ، فإنها تأخذ برأسيهما ، وتتنحي بهما إلى سرب فإذا غابت ، أدخل الكوّة تجد فيها امرأة عظيمة من نور حار يابس ، فإنها تسطع لك وتحس بحرارتها فلا تدن منها تحترق ولكن اقعد حذاءها وسلم عليها ، فإنها تخاطبك فافهم ما تقول لك واعمل به ، فإنك تشرف بذلك ، وتدلك على كنوز جدّك مصرام ، فإنها حافظة لها ، فلما انتبه عمل ما أمره أبوه فلما قعد بجانب المرأة وسلم ، قالت له : أتعرفني؟ قال : لا ، قالت : أنا صورة النار المعبودة في الأمم الخالية ، وقد أردت أن تحيي ذكري وتجدّد لي بيتا تقد لي فيه نارا دائمة بقدر واحد وتتخذ لها عيدا في كل سنة تحضره أنت وقومك فإنك تتخذ بذلك عندي يدا أنيلك بها شرفا إلى شرفك ، وملكا إلى ملكك ، وأمنع عنك من يطلبك بسوء ، وأدلك على كنوز جدّك مصرام ، فضمن لها أن يفعل كلّ ما أمرته به فدلته على الكنوز التي تحت المدائن المعلقة ، وعلمته كيف يصير إليها وكيف يحترس من الأرواح الموكلة بها ، وما ينجيه منها ، ثم قال لها : كيف لي بأن أراك في وقت آخر؟ قالت : لا تعد ، فإنّ الأفعى لا تمكنك ، ولكن بخر في بيتك بكذا فإني آتيك ، فسرّ بذلك ، وغابت عنه وخرج ، ففعل ما أمرته به من عمل بيت النار ، وأخذ كنوز مصرام ، ولما مات جعل في ناوس ومعه سائر أمواله وكنوزه ، وجعل عليه طلسم يحفظه ممن يقصده. وملك بعده ابنه سوريد ، وكان حكيما فاضلا ، وهو أوّل من