الطبقة الأولى : مربعة وهي مائة وإحدى وعشرون ذراعا ونصف ذراع ، والطبقة الثانية : مثمنة وهي : إحدى وثمانون ذراعا ونصف ذراع ، والطبقة الثالثة : مدوّرة وهي إحدى وثلاثون ذراعا ونصف ذراع.
وذكر ابن جبير في رحلته : أن منار الإسكندرية يظهر على أزيد من سبعين ميلا ، وأنه ذرع أحد جوانبه الأربعة في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ، فأناف على خمسين ذراعا ، وأنّ طول المنار أزيد من مائة وخمسين قامة ، وفي أعلاه مسجد يتبرّك الناس بالصلاة فيه.
وقال ابن عبد الحكم : ويقال : إنّ الذي بنى منار الإسكندرية كلوباطرة الملكة وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية ، ولم يكن يبلغها إنما كان يعدل من قرية يقال لها : كسا قبالة الكريون ، فحفرته حتى أدخلته الإسكندرية وهي التي بلطت قاعه.
ولما استولى أحمد بن طولون على الإسكندرية بنى في أعلى المنار قبة من خشب فأخذتها الرياح ، وفي أيام الظاهر بيبرس تداعى بعض أركان المنار ، وسقط فأمر ببناء ما انهدم منه ، في سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، وبنى مكان هذه القبة مسجد أو هدم في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعمائة عند حدوث الزلزلة ، ثم بنى في شهور سنة ثلاث وسبعمائة على يد الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير ، وهو باق إلى يومنا هذا ، ولله در الوجيه الدرويّ ، حيث يقول في منار الإسكندرية :
وسامية الأرجاء تهدي أخا السرى |
|
ضياء إذا ما حندس الليل أظلما |
لبست بها بردا من الإنس صافيا |
|
فكان بتذكار الأحبة معلما |
وقد ظللتني من ذراها بقبة |
|
ألاحظ فيها من صحابي أنجما |
فخيّل أنّ البحر تحتي غمامة |
|
وأني قد خيمت في كبد السما |
وقال ابن قلاقس من أبيات :
ومنزل جاوز الجوزاء مرتقيا |
|
كأنما فيه للنسرين أوكار |
راسي القرارة سامي الفرع في يده |
|
للنون والنور أخبار وأخبار |
أطلقت فيه عنان النظم فاطردت |
|
خيل لها في بديع الشعر مضمار |
وقال الوزير أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبد ربه :
لله در منار إسكندرية كم |
|
يسمو إليه على بعد من الحدق |
من شامخ الأنف في عرنينه شمم |
|
كأنه باهت في دارة الأفق |
للمنشآت الجواري عند رؤيته |
|
كموقع النوم في أجفان ذي أرق |
وقال عمر بن أبي عمر الكندي في فضائل مصر : ذكر أهل العلم أن المنارة كانت في وسط الإسكندرية ، حتى غلب عليها البحر ، فصارت في جوفه ، ألا ترى