التي يرونها من الأزج الآخر على معنى واحد. وذكروا أنهم رأوا وجه الملك قدر ذراع ونصف بالكبير ولحيته كبيرة مكشوفة ، وقدّروا طول بدنه عشرة أذرع وزيادة ، وذكر هؤلاء الذين رأوها أنهم خرجوا لحاجة ، فوجدوها اتفاقا. وأنهم سألوا أهل قفط عنها فلم يجدوا أحدا يعرفها سوى شيخ منهم.
وأوصى عديم الملك ابنه شداب بن عديم أن ينصب في كل حيز من أحياز ولايته منارا ، ويزبر عليه اسمه فانحدر إلى الأشمونين ، وعمل مناراتها وزبر عليها اسمه ، وعمل بها ملاعب وعمل في صحرائها منارا أقام عليه صنما برأسين على اسم كوكبين كانا مقترنين في الوقت الذي خرج فيه إلى اتريب وبنى فيها قبة عظيمة مرتفعة على عمد وأساطين بعضها فوق بعض ، وعلى رأسها صنما صغيرا من ذهب ، وعمل هيكلا للكواكب ، ومضى إلى حيز صا فعمل فيه منارا على رأسه مرآة من أخلاط تورى الأقاليم ، ورجع وعمل شداب بن عديم هيكل ارمنت. وأقام فيه أصناما بأسماء الكواكب من جميع المعادن وزينه بأحسن الزينة ، ونقشه بالجواهر والزجاج الملوّن وكساه الوشي والديباج ، وعمل في المدائن الداخلة من أنصنا هيكلا وأقام فيه باتريب ، وهيكلا شرقيّ الإسكندرية ، وأقام صنما من صوّان أسود باسم زحل على عبرة النيل من الجانب الغربيّ وبنى في الجانب الشرقيّ مداين في إحداها صورة صنم قائم ، وله إحليل إذا أتاه المعقود والمسحور ومن لا ينتشر ذكره فمسحه بكلتي يديه انتشر ذكره ، وقوي على الباه وفي إحداها بقرة ، لها ضرعان كبيران إذا انعقد لبن امرأة أتتها ومسحتها بيديها فإنه يدر لبنها ، وجمع التماسيح بطلسم عمله بناحية أسيوط ، فكانت تنصب من النيل إلى اخميم انصبابا فيقتلها ويستعملها جلودا في السفن وغيرها.
وعمل منقاوس الملك بيتا تدور به تماثيل بجميع العلل ، وكتب على رأس كل تمثال ما يصلح من العلاج ، فانتفع الناس بها زمانا إلى أن أفسدها بعض الملوك وعمل صورة امرأة مبتسمة لا يراها مهموم إلا زال همه ونسيه فكان الناس يتناوبونها ، ويطوفون حولها ثم عبدوها من جملة ما عبدوه بعد ذلك.
وعمل تمثالا من صفر مذهب بجناحين لا يمرّ به زان ولا زانية إلا كشف عورته بيده ، وكان الناس يمتحنون به الزناة فامتنعوا من الزنا فرقا منه. فلما ملك كلكن عشقت حظية عنده رجلا من خدمه ، وخافت أن تمتحن بذلك الصنم. فأخذت في ذكر الزواني مع الملك وأكثرت من سبهنّ وذمّهنّ فذكر كلكن ذلك الصنم ، وما فيه من المنافع. فقالت : صدق الملك غير أن منقاوس لم يصب في أمره لأنه أتعب نفسه وحكماءه فيما جعله لإصلاح العامة دون نفسه ، وكان حكم هذا أن ينصب في دار الملك حيث يكون نساؤه وجواريه فإن اقترفت إحداهنّ ذنبا علم بها فيكون رادعا لهنّ متى عرض بقلوبهنّ شيء من الشهوة فقال :