لما أصيب عثمان أرادوا الصلاة عليه فمنعوا من ذلك ، فقال أبو جهم بن حذيفة القرشي : دعوه فقد صلّى الله عليه ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير ، قال : وحدّثني أبي ، عن زكريا بن عيسى ، عن ابن شهاب في حديث يطول.
أن عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس حيث حكمهما (١) علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان اختلفا في حكمهما ، لا يدعوه عمرو بن العاص إلى أمر إلّا خالفه ، فلما رأى ذلك عمرو قال له : هل أنت مطيعي؟ فإنّ هذا الأمر لا يصلح لنا أن ننفرد (٢) به حتى نحضره رهطا من قريش نستعين بهم ونستشيرهم من أمرنا ، فإنهم هم أعلم بقومهم ، قال له : نعم ما رأيت ، فابعث إلى من شئت ، فبعث إلى خمسة رهط من قريش ، منهم : عبد الله بن عمر ، وأبو جهم بن حذيفة ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرّحمن بن الحارث ، وجبير بن مطعم ، فكتبا إليهم : [أن](٣) أقبلوا حين تنظرون في كتابنا هذا ، فإنّه لا يحبسنا أن نحكم بين الناس غيركم ، فانطلقوا ليسيرون حتى قدموا عليهم بدومة ، فوجدوهما جالسين بباب المدينة ، فلما وقفوا عليهما قال عمرو بن العاص فقال : ابرز معي يا أبا جهم أخبرك بعض الخبر ، فلما برز به ناداهما أبو موسى : ما هذه النجوى دوني يا أبا جهم؟ فقال : يا أيها المرابص بصرك ، فإنّما نحن في بعض أمرنا ، قال : فقال له عمرو بن العاص : أبشر يا أبا جهم ، فو الذي نفسي بيده لأعتقن رقبتك من ملك بني أمية ، قال أبو جهم لام (٤) ما أنت إن فعلت يا عمرو ، ثم انصرفا ، فكان من اختلافهما ما كان.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخيّاط ، أنا أحمد بن عبد الله السّوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمّد الكاتب ، أنا أبي ، أنا محمّد بن مروان بن عمرو السعيدي ، حدّثني محمّد بن أحمد الخزاعي ، قال : رواه أبي عن أبيه ، وهو سليمان بن أبي شيخ ، قال :
دخل أبو جهم بن حذيفة العدوي على معاوية فأكرمه وأقعده معه على سريره ، فقال : يا
__________________
(١) في م : حكاهما.
(٢) الأصل : ينفرد ، وفي م : نتعوذ.
(٣) الزيادة عن م.
(٤) اللام : الهول ، والشديد من كل شيء (اللسان).