أصالحهم حتى يقولوا قريش وثقيف ... (١) يجيئنا منهم إلّا أحمق ولا يجيئهم منا إلّا أحمق ، وبذلك نعتبر حمقانا (٢).
قال : وحدّثني المؤمّلي ، عن أبي زكريا ، عن ابن شهاب قال :
قال له في وفدة أخرى (٣) وفدها إليه ألم أفرغ من حاجتك؟ قال : بلى ، غير شيء ذكرته لا بد لي منه ، قال : فهل (٤) له؟ قال : إن بني بكر يتكبرون علينا بأرضنا ، فابعث إلى بني أسامة بن لؤي فاحطط لهم دون الخندق ، فاجعلهم على صاب بني بكر وارزقهم من القرى خيبر وفدك ووادي القرى ، قال : نعم ، وما ذا زعمت أيضا؟ قال : ثقيف يتكبرون علينا بوجّ فأكثر من الأحرار من الروم والفرس ، فاملأ وجاههم حتى تأكلهم بهم قال : مرحبا بك وأهلا ، فو الله إن كنت لا أحبّ موافقتك على ما سألتني ، أما بنو بكر فقد ملأتهم مقاتلة وكتائبا حتى أنّ أحدكم ليغضب الغضبة فيرسل إلى أحدهم فيقاد إليه حتى يصنع ما أراد ، فارجع فإن ابتغيت الزيادة زدتك ، وإن رضيت ، فالله يرضيك ، وأما ما ذكرت من ثقيف فقد رأيت ما صنعت فيهم أخرجتهم من قرار (٥) أرضهم ، وألحقتهم بالشواهق من السّراة ، فقالوا لي : افرض لنا بالعراق ، فأتيت وقلت : لا والله ، إلّا بالشام أرض الطواعين لأريحك ونفسي منهم ، حتى جعلت أموالهم كلها لقريش وملأت الأرض فرسا وروما ، فارجع فإن رأيت ما يرضيك فالله أرضاك وإلّا فاكتب إليّ أزدك.
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد ، عن أبي الفتح المقدسي ، عن أبي الحسن بن السّمسار ، أنا أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، نا عبد الرّحمن بن أخي الأصمعي ، عن عمه ، عن عيسى بن عمر ، قال :
وفد أبو جهم بن حذيفة على معاوية بن أبي سفيان ، فقال له معاوية : يا أبا جهم (٦) ، أما والله إنّ لك (٧) حقا وقرابة وشرفا ، وإنّ مع حقك لحقوقا ، وإنّ مع قرابتك لقرابة ، وأنه ليلزمنا مؤن عظيمة ولكن هذه مائة ألف درهم فخذها واعذر ، قال أبو الجهم : فقبضتها على مضض
__________________
(١) كلمتان بدون إعجام بالأصل وم ورسمهما : «وليه ووح».
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي تاج العروس بتحقيقنا : حمق حمقا فهو أحمق وهي حمقاء وقوم ونسوة حماق بالكسر وحمق بضمتين وحمقى كسكرى وحماقى مثل سكارى ، ويضم.
(٣) أقحم بعدها بالأصل : يتكبرون علينا.
(٤) كذا بالأصل ، وقوله : «فهل له» مكانه بياض في م.
(٥) القرار والقرارة : ما قرّ فيه ، والمطمئن من الأرض (القاموس المحيط).
(٦) في م : الجهم.
(٧) في م : إن لاحقا.