رجل (١) من أهل صناعتك وقد أحببت أن أسمع منك وأسمعك ، قال : هات على اسم الله تعالى ، فغنّاه معبد ، فقال : أحسنت والله ، يا أخي (٢) ، حتى انتهى ثم اندفع هو فغنى ، فسمع معبد شيئا لم يسمع مثله قط ، فقال له : أنت والله أحسن الناس غناء ، فقال : كيف لو سمعت عجوزا لنا في سفح الجبل ـ أبي قبيس ـ يعني ابن سريج ـ قال : وكيف جعلت فداك بأن أسمع منه؟ قال : قم بنا إليه ، قال : فنهضنا حتى أتيا باب ابن سريج فقرعه الغريض ، فعرفته الجارية فدخلا جميعا ، فإذا ابن سريج نائم الصبحة ، وإذا عليه قرقر (٣) أصفر.
قال القاضي : كذا قال ابن الشرابي ، وهكذا رأيته في أصل كتابه ، والصواب قرقل في قول الجمهور ، وإن كان بعضهم قد ردّ هذا وصوّب قولهم : قرقرة (٤) وقد خضب يديه وذراعيه إلى مرفقيه ، فقال له الغريض : جعلت فداك ، هذا رجل من إخوانك من أهل المدينة يتغنى ، وقد أحبّ أن يسمعك غناءه ، ويسمع منك ، قال : هات ، فغنّاه معبد ، فقال له ابن سريج أحسنت والله ، ثم استل ابن سريج دفا مربعا وتغنى :
نظرت عيني ولا نظرت |
|
بعده عيني إلى أحد |
قال معبد : فسمعت شيئا ما سمعت مثله قط ، ولا ظننته يكون ، ف [أخذت](٥) آتم به واختلف إليه.
قال : ونا المعافى (٦) ، نا المظفّر ، نا أحمد بن محمّد المرثدي ، أنا أبو إسحاق الطلحي ، قال : وأخبرني أحمد قال :
كان الغريض مخنثا (٧) ، وكان جميلا له شعر ، وكان مولى للثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ، وكان يتعلم من ابن سريج.
قرأت بخط أبي [الحسن](٨) رشأ بن نظيف.
__________________
(١) الأصل : أجل ، تصحيف ، والتصويب عن م والجليس الصالح.
(٢) بالأصل وم : والله ابن أخي حتى انتهيت.
(٣) كذا بالأصل وم : قرقر ، وفي الجليس الصالح : قرقرة.
(٤) الزيادة عن الجليس الصالح الكافي.
(٥) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣١٠.
(٦) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣١٠.
(٧) الأصل : مخيبا ، وفي م : مجنبا ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٨) الزيادة عن م.