مروان : أو كلّ ما سمعت تكلّمت به؟ أما والله لتعلمنّ ، ثم أمر أن يجرّد من ثيابه [فجرد من ثيابه](١) وبرز بين يديه ، فبينما نحن على ذلك إذ دخل حاجبه فقال : هذا أبو خالد حكيم بن حزام ، قال : ائذن له ، ثم قالوا : ردّوا عليه ثيابه ، أخرجوه عنا [لا](٢) يهيج علينا هذا الشيخ كما فعل بالآخر قبله ، فلما دخل حكيم بن حزام قال مروان : مرحبا أبا خالد ، ادن مني ، فحال له مروان عن صدر المجلس حتى كان بينه وبين الوسادة ، ثم استقبله مروان فقال : حدّثنا حديث بدر ، فقال : نعم ، خرجنا حتى إذا نزلنا الجحفة رجعت قبيلة من قبائل قريش بأسرها وهي زهرة ، فلم يشهد أحد من مشركيهم بدرا ، ثم خرجنا حتى نزلنا العدوة التي قال الله عزوجل (٣) فجئت عتبة بن ربيعة فقلت : يا أبا الوليد هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟ قال : أفعل ما ذا؟ قلت : إنكم لا تطلبون من محمّد صلىاللهعليهوسلم إلّا دم الحضرمي (٤) وهو حليفك فتحمّل بديته وترجع بالناس ، قال : أنت وذاك ، وأنا أتحمّل بدية حليفي ، فاذهب إلى ابن الحنظلية ـ يعني أبا جهل ـ فقل له : هل لك أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك ، فجئته ، فإذا هو في جماعة بين يديه ومن ورائه ، وابن الحضرمي واقف على رأسه وهو يقول : قد فسخت عقدي من بني عبد شمس وعقدي (٥) إلى بني مخزوم ، فقلت له يقول عتبة بن ربيعة : هل لك أن ترجع اليوم عن ابن عمك بمن معك؟ قال : أما وجد رسولا غيرك؟ فقلت : لا ، ولم أكن لأكون رسولا لغيره ، قال حكيم : فخرجت أبادر إلى عتبة لئلا يفوتني من الخبر شيء ، وعتبة متّكئ على إيماء بن رحضة الغفاري ، وقد أهدى إلى المشركين عشر جزائر ، فطلع أبو جهل بالشّرّ في وجهه ، فقال لعتبة : انتفخ (٦) سحرك؟ فقال له عتبة : ستعلم ، [فسلّم أبو جهل سيفه ، فضرب به متن فرسه. فقال له : بئس الفأل هذا. فعند ذلك قامت الحرب.
رواه غيره](٧) عن الزبير فقال ؛ مسور بن عبد الملك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، نا أبو الحسين
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وأضيف عن م.
(٢) زيادة للإيضاح عن م.
(٣) يريد قوله تعالى في سورة الأنفال : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى ، وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) الآية ٤٢.
(٤) كذا بالأصل وم ، وهو عمرو بن الحضرمي ، انظر تاريخ الطبري ٢ / ٤٤٣.
(٥) عن م وبالأصل : وعقد.
(٦) انتفخ سحرك ، يقال ذلك للجبان (اللسان).
(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك للإيضاح عن م.