محمّد بن الحسين بن محمّد بن الفضل ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد بن عتّاب ، أخبرنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة ، أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس ، أخبرنا سهل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة قال :
وأقبل المشركون حتى نزلوا ، وبعثوا للقتال والشيطان معهم لا يفارقهم ، فسعى حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة ، فقال : هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت؟ قال عتبة : فأفعل ما ذا؟ قال : تجبر بين الناس وتحمّل بدية ابن الحضرمي ، وبما أصاب محمّد من تلك العير ، ودم هذا الرجل ، قال عتبة : نعم قد فعلت ، ونعم ما قلت ، ونعم ما دعوت إليه ، فاسمع في عشيرتك ، فأنا أتحمّل بهذا ، فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك يدعوهم إليه.
فركب عتبة بن ربيعة جملا له ، فسار عليه في صفوف المشركين في أصحابه ، فقال : يا قوم أطيعوني فإنكم لا تطلبون عندهم غير دم ابن الحضرمي ، وما أصابوا من عيركم تلك ، وأنا أتحمّل بوفاء ذلك ، ودعوا هذا الرجل ، فإن كان كاذبا ولي قتله غيركم من العرب ، فإن فيكم رجالا (١) فيهم قرابة قريبة ، وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أبيه أو أخيه أو ابن أخيه ، أو ابن عمه ، فيورث (٢) ذلك فيكم إحنا وضغائن ، وإن كان هذا الرجل ملكا كنتم في ملك أخيكم وإن كان نبيا لم تقتلوا النبي فتسبّوا به ، ولن تخلصوا أحسب إليهم حتى يصيبوا أعدادهم ، ولا آمن أن تكون لهم الدّبرة عليكم.
فحسده أبو جهل على مقالته ، وأبى الله إلّا أن ينفذ أمره ، وعتبة بن ربيعة يومئذ سيد المشركين ، فعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي وهو أخو المقتول ، وعتبة بن ربيعة فقال : هذا عتبة يخذّل بين الناس ، وقد تحمّل بدية أخيك ، يزعم أنك قابلها ، أفلا تستحيون من ذلك ، أن تقبلوا الدية؟ وقال أبو جهل لقريش : إنّ عتبة قد علم أنكم ظاهرين على هذا الرجل ومن معه ، وفيهم ابنه وبنو عمه وهو يكره صلاحكم ، وقال أبو جهل : لعتبة وهو يسير فيهم ويناشدهم : انتفخ سحرك ، وزعموا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال وهو ينظر إلى عتبة : أن يكون (٣) عند أحد من القوم خير (٤) فهو عند صاحب الجمل الأحمر ، وإن يطيعوه يرشدوا فلمّا حرّض أبو جهل قريشا على القتال أمر النساء يعولن عمرا ، فقمن يصحن : وا عمراه (٥) ، تحريضا على القتال ، وقال رجال
__________________
(١) بالأصل : «رجلا لكم» والمثبت عن م.
(٢) الأصل : فمورث ، والمثبت عن م.
(٣) في م : إن يكن ، وهو أظهر.
(٤) الأصل : خبر ، والمثبت عن م.
(٥) في م : وا عمراه وا عمراه.