فحدّثني (١) عائذ بن يحيى ، عن أبي الحويرث ، عن نافع بن (٢) جبير ، عن حكيم بن حزام قال : لما أفسد الرأي أبو جهل على الناس وحرّش بينهم عامر بن الحضرمي فأقحم فرسه ، فكان أول من خرج إليه مهجع مولى عمر ، فقتله عامر.
وكان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة ، فقتله حبّان بن العرقة ، ويقال عمير بن الحمام قتله خالد بن الأعلم العقيلي.
قال الواقدي : ما سمعت أحدا من المكيين يقول إلّا حبّان بن العرقة.
قالوا : وقال عمر بن الخطاب في مجلس ولايته : يا عمير بن وهب ، أنت حاذرنا للمشركين يوم بدر ، تصعد في الوادي وتصوّب ، كأني أنظر إلى فرس تحتك حوا تخبر المشركين أنه لا كمين لنا ولا مدد؟ قال : أي والله يا أمير المؤمنين ، وأخرى أنا والله الذي حرّشت بين الناس يومئذ ، ولكن الله (٣) حبانا (٤) بالإسلام ، وهدانا له ، فما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك ، قال عمر : صدقت.
قالوا : كلّم عتبة حكيم بن حزام فقال : ليس عند أحد خلاف إلّا عند ابن الحنظلية ، اذهب إليه فقل له إنّ عتبة يحمل دم حليفه ويضمن العير. قال حكيم (٥) : فدخلت على أبي جهل وهو يتخلق بخلوق ، درعه موضوعة بين يديه ، فقلت : إنّ عتبة (٦) بعثني إليك ، فأقبل عليّ مغضبا فقال : أما وجد عتبة أحدا يرسله غيرك؟ فقلت : أما والله لو كان غيره أرسلني ما مشيت في ذلك ، ولكن مشيت في إصلاح بين الناس ، وكان أبو الوليد سيّد العشيرة ، فغضب غضبة أخرى ، قال : وتقول أيضا سيد العشيرة ، فقلت : أنا أقوله؟ قريش كلها تقوله ، فأمر عامرا أن يصيح بخفرته ، واكتشف ، وقال : إنّ عتبة جاع فاسقوه سويقا ، وجعل المشركون يقولون : إنّ عتبة جاع فاسقوه سويقا ، وجعل أبو جهل يسرّ بما صنع المشركون بعتبة.
قال حكيم : فجئت إلى منبّه بن الحجّاج فقلت له مثل ما قلت لأبي جهل ، فوجدته خيرا من أبي جهل ، قال : نعم ، ما مشيت (٧) فيه ، وما دعا إليه عتبة ، فرجعت إلى عتبة فأجده قد غضب من كلام قريش ، فنزل عن جمله ، وقد طاف عليهم في عسكرهم يأمرهم بالكفّ عن
__________________
(١) انظر الخبر في مغازي الواقدي ١ / ٦٥.
(٢) عن م ومغازي الواقدي وبالأصل : عن.
(٣) «ولكن الله» مكرر بالأصل.
(٤) في مغازي الواقدي : جاء.
(٥) «قال حكيم» مطموس بالأصل ، والمثبت عن م ومغازي الواقدي.
(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن م ومغازي الواقدي ١ / ٦٦.
(٧) بالأصل وم : «مسست» والمثبت عن مغازي الواقدي.