حدّثني محمّد بن إسحاق ، عن عثمان بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، عن هبّار بن الأسود ، قال (١) :
كان أبو لهب وابنه عتبة (٢) بن أبي لهب تجهزا (٣) إلى الشام فتجهزت معهما فقال ابنه عتبة : والله لأنطلقنّ إلى محمّد ولأؤذينّه في ربّه ـ سبحانه ـ فانطلق حتى أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمّد هو يكفر بالذي (دَنا فَتَدَلَّى ، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)(٤) ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اللهم ابعث عليه (٥) كلبا من كلابك» ، ثم انصرف عنه ، فرجع إلى أبيه فقال : يا بنيّ ما قلت له؟ فذكر له ما قال له ، قال : فما قال لك؟ قال : قال : «اللهم سلّط عليه كلبا من كلابك» ، فقال : يا بنيّ والله ما آمن عليك دعاءه فسرنا حتى نزلنا الشّراة وهي مأسدة ، فنزلنا إلى صومعة راهب ، فقال الراهب : يا معشر العرب ما أنزلكم هذه البلاد؟ فإنّما يسرح الأسد فيها كما تسرح الغنم ، فقال لنا أبو لهب : إنّكم قد عرفتم كبر سنّي وحقّي ، فقلنا : أجل يا أبا لهب ، فقال : إنّ هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه ، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة ، وافرشوا لابني عليها ، ثم افرشوا حولها ، ففعلنا ، فجمعنا المتاع [ثم](٦) فرشنا حوله ، فبينا نحن حوله وأبو لهب معنا أسفل وبات هو فوق المتاع ، فجاء الأسد ، فشمّ وجوهنا ، فلمّا لم يجد ما يريد تقبّض ، فوثب وثبة فإذا هو فوق المتاع ، فشمّ وجهه ، ثم هزمه [هزمة](٧) هزمه ففسخ رأسه فقال أبو لهب : قد عرفت أنه لا ينفلت من دعوة محمّد [٧٦٧٣].
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن بيري ـ إجازة ـ أنا محمّد بن الحسين بن محمّد ، نا أحمد بن زهير بن حرب ، نا أحمد بن المقدام ، نا زهير بن العلاء ، نا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قال :
وتزوج أم كلثوم ابنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عتيبة بن عبد العزّى أبي (٨) لهب ، فلم يبن بها حتى بعث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكانت رقية ابنة النبي صلىاللهعليهوسلم عند أخيه عتبة بن عبد العزى أبي لهب ، فلما أنزل الله
__________________
(١) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة رقم ٣٨٠ ص ٤٥٤.
(٢) كذا بالأصل وم وأصل دلائل النبوة لأبي نعيم ، وقد صححه محققه «عتيبة» وهذا هو الصحيح ، فالذي مات كافرا هو عتيبة أما عتبة فقد مات مسلما (هامش دلائل النبوة ، وانظر الإصابة ٦ / ١٢٢) جاءت «عتبة» في كل مواضع الخبر.
(٣) الأصل : تجهز ، والتصويب عن م.
(٤) سورة النجم ، الآيتان ٨ و ٩.
(٥) الأصل : عليك ، والتصويب عن م ودلائل أبي نعيم.
(٦) الزيادة عن م ودلائل أبي نعيم.
(٧) الزيادة عن دلائل أبي نعيم.
(٨) الأصل «بن» والتصويب عن م.