على النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : أيها الناس اتّقوا الله واعلموا أن الدنيا كما نعت الله في كتابه (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ ، وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)(١) وانها خضرة حلوة غرّارة لأهلها ، مرارة خداعة مخادعة ، لا يدوم نعيمها ، ولا يؤمن فجائعها ، خير العباد فيها من اعتصم بكتاب الله ، ثم قال : إنّي قد وليت من أمركم وقلّدت منه جسيما لا أرجو العون فيه إلّا من عند الله الذي ابتلاني به ، وإنّ توفيقي في ذلك إلّا بالله ثم قال : صلّوا على نبيكم صلىاللهعليهوسلم ، أيها الناس ، إنّ عبيد الله بن عمر كان أصاب الهرمزان بظنة أبيه ، وكان الهرمزان مولى الإسلام ، ومولى أبيه الخليفة ، وأنا ولي دمه ، وإنّي رأيت أن أهب ذلك الدم لله ولعمر ، فقال المقداد بن الأسود ـ وكان ملكا من ملوك كندة أصاب في قومه دما فأتى البيت فعاذ به وحالف حمزة بن عبد المطلب ، وقد كان تزوج بعض عمات النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان يسمّى فارس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا أمير المؤمنين لا يكون أول حكمك فينا حكم الطاغوت ، إنه من يكن الله مولاه فالله طالب دمه ، وليس لك أن تهب ما الله أولى به منك ، فقال عثمان : انظروا وينظرون ، فضاقت الأرض على عبيد الله برحبها فخرجت ذات ليلة فإذا ابن النضر بن الحارث السهمي يتغنى في سواد الليل (٢) :
ألا يا عبيد الله ما لك ملجأ |
|
ولا مهرب دون ابن أروى ولا خفر |
أصبت دما والله في غير كنهه (٣) |
|
حراما وقتل الهرمزان له خطر |
غدوت عليه ظالما فضربته |
|
بأبيض مصقول شفاشفه ذكر |
على غير شيء غير أن قال قائل : |
|
أتتهمون الهرمزان على عمر |
وذلك أن عمر لما قتل قال قائل (٤) : قد رأيت هذا الخنجر مع الهرمزان وأبو لؤلؤة يكلّمه ، فقال عبيد الله هذا رأى الهرمزان فضربه بالسيف حتى قتله ، فعاقد علي بن أبي طالب لئن ملك يوما ليقتلنّ عبيد الله به ، ثم إنّ عثمان دعا عبيد الله فقال : قد وهبت لك أمر الهرمزان لأني أمير المؤمنين ، وأنا ولي دمه ، فطعن عليه المسلمون في ذلك ، فكان أول إحداثه ، فقال زياد بن لبيد بن بياضة الأنصاري (٥) :
__________________
(١) سورة الحديد ، الآية : ٢٠.
(٢) الأبيات في تاريخ الطبري ٢ / ٥٨٧ (حوادث سنة ٢٣) ، والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦ وفيهما أن زياد بن لبيد البياضي كان يقولها إذا رأى عبيد الله بن عمر.
(٣) المصادر : حله.
(٤) هو عبد الرحمن بن أبي بكر ، كما مرّ في أكثر من رواية.
(٥) من ثلاثة أبيات في تاريخ الطبري ٢ / ٥٨٧ (حوادث سنة ٢٣) والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦.