المرحلة الأولى منذ دخول الصليبيين حتّى سقوط صور سنة ٥١٨ ه وتميّزت هذه المرحلة بمقاومة عنيفة من العامليين للمحتلّ الغاصب ثم تلتها المرحلة الثانية منذ الخضوع التام للصليبيين إلى بداية الفتوحات في عهد صلاح الدين ، وقد تميّزت هذه المرحلة بفرض الخضوع والذل وعومل سكان الجبل معاملة العبيد الرقيق وفرضت عليهم الضرائب المرهقة التي طالت الأنفس والحيوانات والثمرات ، ومن تمرّد على واقعه التحق بجيش حسام الدين بشارة العاملي الذي تجمّع في منطقة ما من الجبل أو خارجه والذي كانت له اليد الطولى والمميّزة في الانتصارات التي حقّقها صلاح الدين في حطين وتبنين وبانياس وهونين وصيدا وصور وغيرها.
وأمّا المرحلة الثالثة فهي فترة ما بعد صلاح الدين إلى التحرير التام والنهائي على أيدي المماليك. فكان للعامليين مواقف مشرفة في حربهم وعداوتهم للصليبيين ، وهذا يبدو جليا من مواقف الشيعة في الشقيف وجزّين وسواهما.
وللأسف فإن دورهم الجهادي الرافض للاحتلال جرى طمسه والتعتيم عليه من كتبة التاريخ الرسمي السلطوي بسبب العصبية المذهبية المسيطرة التي أباحت لهم كلّ شيء. فاكتالوا الإفتراءات والاتهامات لأهل جبل عامل بالخيانة والمهادنة والتحالف مع الصليبيين في عدد من نصوصهم.
وقد تناسى هؤلاء أن أغلب المآسي التي حلّت ببلادنا الشامية كانت ناتجة من سياسة حكّامها ومواقفهم ، ومن أراد التوسّع في هذا المجال فليراجع الأسباب التي أدّت إلى سقوط صيدا وصور بأيدي الصليبيين ، وما فعله صلاح الدين والصالح إسماعيل والسلطان قلاوون وغيرهم من عقد «معاهدات سلام»؟ مع الصليبيين ، اعتبروا فيها البلاد العاملية وكأنها ممّا