أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأنا أحمد بن عمر بن روح ، حدّثنا المعافى بن زكريا ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا أبو الفضل الربعي ، عن أبيه قال : قال المأمون يوما وهو مقطّب لأبي دلف : أنت الذي يقول فيك الشاعر (٣) :
إنّما الدنيا أبو دلف |
|
عند مغزاه (٤) ومحتضره |
فإذا ولّى أبو دلف |
|
ولّت الدّنيا على أثره |
فقال : يا أمير المؤمنين شهادة زور ، وقول غرور ، وملق معتف ، وطالب عرف وأصدق منه ابن أخت لي حيث يقول :
دعيني (٥) أجوب الأرض التمس الغنا |
|
فلا الكرج الدّنيا ولا الناس قاسم |
فضحك المأمون وسكن غضبه.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا ثعلب ، حدّثنا ابن الأعرابي ، عن الأصمعي قال : كنت واقفا بين يدي المأمون ، إذ دخل عليه أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي ، فنظر إليه المأمون شزرا وقال : أنت الذي يقول فيك علي بن جبلة الشاعر :
له راحة لو أنّ معشار عشرها |
|
على البرّ كان البرّ أندى من البحر |
له همم لا منتهى لكبارها |
|
وهمّته الصغرى أجلّ من الدهر |
ولو أن خلق الله في مسك فارس |
|
وبارزه كان الحلي من العمر |
أبا دلف بوركت في كل وجهة |
|
كما بوركت في شهرها ليلة القدر |
فقال : يا أمير المؤمنين مكذوب عليّ ، لا والذي في السماء بيته ما أعرف من هذا حرفا ، فقال : قد قال فيك ابن جبلة علي :
ما قال : لا ، من جود أبو دلف |
|
إلا التشهد لكن قوله نعم |
__________________
(١) زيادة منا لتقويم السند ، وكلمة «حدثنا» قبلها سقطت من م و «ز».
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢١.
(٣) البيتان في الأغاني ٨ / ٢٥٤ وفيهما إلى علي بن جبلة و ٢٠ / ١٥ في ترجمة علي بن جبلة.
(٤) في تاريخ بغداد عند معدله ومختصره.
(٥) في تاريخ بغداد : دعني.