الشريف أبو الفضل محمّد بن الحسن بن محمّد بن الفضل بن المأمون ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن القاسم بن بشار الأنباري ، حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الكاتب ، حدّثنا عيسى بن عبد العزيز بن سهل الحارثي (١) من بني الحارث بن كعب قال :
خرجت رفقة إلى مكة فيها القاسم بن عيسى ، فلمّا تجاوزت الكوفة حضرت الأعراب وكثرت تريد اغتيال الرفقة ، فتسرّع قوم إليهم فزجرهم أبو دلف وقال : ما لكم ولهذا ، ثم انفصل بأصحابه فعبأ عسكره ميمنة وميسرة وقلبا ، فلما سمع الأعراب [أن](٢) أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب ، ثم مضى بالناس حتى حجّ فلمّا رجعوا أخبرت القافلة بأنّ الأعراب قد احتشدوا احتشادا عظيما وهم قاصدو (٣) القافلة.
وكان في القافلة رجل أديب شاعر في ناحية طاهر بن الحسين وآله ، فكتب إلى أبي دلف بهذا الشعر (٤) :
جرت بدموعها العين الذّروف |
|
وظلّ من البكاء له حليف |
بلاد تنوفة (٥) ومحل قفر |
|
وبعد أحبة ونوى قذوف |
نبادر أوّل القطرات نرجو |
|
بذلك أن تخطانا الحتوف |
أبا دلف وأنت عميد بكر |
|
وحيث العزّ والشرف المنيف |
تلاق عصابة هلكت فما أن |
|
بها ـ إلا تداركها ـ خفوف |
كفعلك في البديّ (٦) وقد تداعت |
|
من الأعراب مقبلة زحوف |
فلمّا أن رأوك لهم حليفا |
|
وخيلك حولهم عصبا عكوف |
ثنوا عنقا وقد سخنت (٧) عيون |
|
لما لاقوا وقد رغمت أنوف |
قال : فلمّا قرأ أبو دلف الأبيات أجاب عنها بغير إطالة ذكر ولا تروية فقال :
رجال لا تهولهم المنايا |
|
ولا يشجيهم الأمر المخوف |
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحازقي.
(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن م و «ز».
(٣) في «ز» : «قاصدون للقافلة» وفي تاريخ بغداد والمختصر : قاصدون القافلة.
(٤) الخبر باختلاف الرواية ، والشعر ، في تاريخ بغداد ١٢ / ٤١٦ ـ ٤١٧.
(٥) التنوفة : القفر من الأرض.
(٦) في الأصل : «الندي» وفي م : «البدء» وفي «ز» : «اليدين» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : شجيت.