قال : وأنبأنا السّلمي قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت سعيد بن حاتم يقول : قال أبو الحارث الأولاسي : من اشتغل بما لم يكن فكان ، فاته من لم يزل ولا يزال.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن أبي الحسن (١) بن أحمد بن أبي منصور الشاه البامنجي بيامين (٢) ، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث بن علي بن أحمد الشيرازي الحافظ ، أنبأنا أبو محمّد هيّاج بن عبيد بن الحسن (٣) الشيخ الصالح الفقيه ، أنبأنا أبو أحمد محمّد بن أحمد ابن سهل ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد الجلاء ، حدّثنا أبو بكر بن داود (٤) ، حدّثنا أبو الحارث الأولاسي قال :
كتب إلي بعض إخواني : أيش تشتهي من هذه الدنيا؟ فقلت : أشتهي وجها مصفرّا ، وخدّا معفّرا ، ودمعا مقطّرا ، وطمرا مشمّرا ، وعيشا مكدّرا ، وقلبا منورا كالقنديل يزهر ، وقوتا مقتّرا ، قال : فكتب إلي : يا أخي ما أحسن ما اشتهيت من هذه الدنيا ، ولكن ما أحسن الليل على الساجد ، والاتصال بالماجد ، والزهد على الزاهد أحسن من الحلي على الناهد ، ثم قال : يا أخي احفظ الله في خفيّ كلّ نظرة ، وفتّش كلّ لقمة ، وزن كل خطوة ، وانتخب (٥) الأحوال ، وأحبّ كلّ أخ صحيح المودة ، ثم قال : يا أخي من عرف الله عاش ، ومن أحبّ الدنيا طاش ، والأحمق يغدو أو يروح في لاش ، والعاقل لذنوبه فتّاش.
قرأت على أبي يعلى حمزة بن أحمد بن فارس ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، أنبأنا أبو نصر أحمد بن علي بن عبيد الله السلمي ، أنبأنا أبو الحسن بن جهضم ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن داود ، حدّثني محمّد بن إسماعيل الفرغاني قال : سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول :
دخلت مسجد طرسوس فرأيت فتيّين (٦) يتكلمان في علم الأنفة (٧) وسوء أدب الخلق ، وحسن صنيع الله تعالى إليهم ، ويذمّان نفوسهما في ما يجب لله تعالى عليهما ، فقال أحدهما لصاحبه : يا أخي قد تحدّثنا في العلم فتعال : حتى نعامل الله به ، فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة.
__________________
(١) الأصل : الحسين ، تصحيف والتصويب عن م وز ، قارن مع المشيخة ٥ / أ.
(٢) كذا بالأصل وم وز : وكتب في المشيخة أنها من ناحية هراة. وكتب على هامش «ز» : بيامنجين.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحسين.
(٤) في م وز : يزداد.
(٥) إعجامها مضطرب بالأصل ، والتصويب عن م وز.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : اثنين.
(٧) كذا بالأصل وم وز.