وأما صوم الإذن ، فإن المرأة لاتصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها ، والعبد إلا بإذن مولاه ، والضعيف لا يصوم إلا بإذن صاحب البيت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من نزل على قوم ، فلا يصومن تطوعاً إلا بإذن صاحبهم ».
وأما صوم التأديب ، فإنه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديباً ، وليس بفرض ، وإن لم يقدر إلا نصف النهار يفطر إذا غلبه العطش ، وكذلك من أفطر لعلة أول النهار ، ثم قوى بقية يومه اُمر بالإمساك بقية يومه تأديباً وليس بفرض ، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ، ثم قدم أهله أمر بقية يومه بالإمساك تأديباً ، وليس بفرض.
وأما صوم الإباحة ، فمن أكل وشرب ناسياً ، أو تقيأ من غير تعمد ، فقد أباح الله ذلك له ، وأجزأ عنه صومه.
وأما صوم السفر والمرض ، فإن العامة إختلفت في ذلك ، فقال قوم : يصوم ، وقال قوم : لايصوم ، وقال قوم : إن شاء صام وإن شاء أفطر.
فأما نحن نقول : يفطر في الحالتين جميعاً ، فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه في ذلك القضاء ، فإن الله تعالى يقول : ( وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ١.
واعلم ـ رحمك الله ـ أن الصوم حجاب ضربه الله عز وجل على الألسن ، و الأسماع والأبصار ، وسائر الجوارح ، لماله في عادة من سره ٢ وطهارة تلك الحقيقة حتى يستر به من النار.
وقد جعل الله على كل جارحة حقاً للصيام ، فمن أدى ٣ حقها كان صائماً ومن ترك شيئاً منها نقص من فضل صومه بحسب ماترك منها.
واعلم أن أول أوقات الصيام وقت الفجر ، وآخرة هو الليل ، طلوع ثلاثة كواكب ( ترى مع غروب الشمس ) ٤ وذهاب الحمرة من المشرق ، وفي وجوه سواد المحاجز ٥.
__________________
١ ـ البقرة ٢ : ١٨٥ ، وقد ورد باختلاف يسير في الفقيه ٢ : ٤٦ / ٢٠٨ ، والهداية : ٤٨ ، والمقنع : ٥٥ ، والخصال : ٥٣٤ ، والكافي ٤ : ٨٣ / ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٩٤ / ٨٩٥ ، وتفسير القمي ١ : ١٨٥. من بداية باب الصوم.
٢ ـ كذا في نسخة « ض » والبحار ٩٦ : ٢٩١ / ١٣ ، وفي « ش » : « عبادة من سترة ».
٣ ـ في نسخة « ش » : « اوفى ».
٤ ـ في نسخة « ض » : « لا ترى مع الشمس ». وهي مؤدى نفس عبارة المتن.
٥ ـ في نسخة « ض » : « المحاجر ».